default Author

هيموجلوبين بحري

|
يضج الكون بكائنات تعيش معنا قد نراها بالعين المجردة وأخرى تحتاج إلى عدسات تكبير مضاعفة آلاف المرات لرؤيتها، نعادي تلك الكائنات ونشمئز من منظرها وقد نسارع للقضاء عليها ولا نعلم أن في بعضها حياة لنا.
دودة بحرية صغيرة يتراوح طولها بين عشرة سنتيمترات و25 سنتيمترا. تختبئ على عمق أكثر من عشرة سنتيمترات في رمال الشاطئ لتعيش بسلام بعيدا عن البشر، الذين يستخدمونها عادة كطعوم للصيد، قد يحمل جسدها الصغير الأمل في إنقاذ آلاف المرضى، الذين يعانون مشكلات في التنفس أو نقصا في الأكسجين الواصل للخلايا، اكتشف مزاياها عالم الأحياء البحرية الفرنسي فرانك زال، مؤسس شركة هيمارينا، والباحث السابق في المركز القومي للبحوث العلمية في فرنسا، حيث وجد أن دماء دودة "الأرينكول"، التي تعيش على شواطئ منطقة بريتانيا الفرنسية يحوي بروتينها هيموجلوبينا قادرا على حمل كمية من الأكسجين إلى الرئتين أكثر بـ40 مرة من الهيموجلوبين البشري، كما أن له خاصية عجيبة، إذ في إمكانه التكيف مع جميع فصائل الدم، وهذا ما سيجعل منه أملا جديدا لمرضى كورونا خاصة، وضيق التنفس وتجديد العظام وزراعة الأعضاء عامة، حيث يمنح الأعضاء المعدة للزراعة عمرا أطول، واستخدم بالفعل في عمليات زراعة الوجه. ولأهمية هذه الدودة أنشأت شركة فرنسية أول مزرعة لتربية الأرنيكول 2015 على مساحة 4500 متر مربع في عرض البحر، وتسعى الشركة لإنتاج مستحضر حيوي من دم هذه الدودة، الذي يعمل كإسفنجة حقيقية للأكسجين، وحقنة في وريد مرضى ضيق التنفس لتوفير الأكسجين اللازم للأنسجة مباشرة في الدم، وبالتالي تجنب اختناق المريض.
يقول لوران لانتيري، رئيس قسم الجراحة الترميمية في مستشفى جورج بومبيدو، الذي استخدم هذا المستحضر بالفعل في عملية زراعة الوجه: يجب أن تجيب التجربة عن أسئلتنا لإثبات فاعليتها في مكافحة الفيروس، وضخ الأكسجين للأنسجة البشرية عن طريق حقن منتج في الأوردة.
وفي إندونيسيا يقام مهرجان "باو نيال" السنوي لالتقاط، وتناول هذه الدودة، التي يعدونها رمزا للرخاء وتظهر مرة واحدة سنويا. تتوافد الحشود إلى ساحل قرية كوتا الإندونيسية قبل الفجر لاستخراج دود البحر المرتبط لديهم بأسطورة الأميرة "مانداليكا" رائعة الجمال، التي اشترط والدها على الأمراء الراغبين في الزواج من ابنته أن يقاتلوا بعضهم بعضا للفوز بيدها. لكن الأميرة رفضت أن تكون سببا لإراقة الدماء، لذلك فرت وألقت بنفسها في البحر لتنهي حياتها.
يستمتع السكان المحليون بتناول ديدان البحر بعد اصطيادها وطهيها بالبخار أو شيها. ويؤمن هؤلاء بأن تلك الديدان رمز للخصوبة والرخاء.
إنشرها