Author

مؤشرات التضخم

|

ارتفع الرقم القياسي لتكاليف المعيشة في نيسان (أبريل) 2020 بنسبة 5.3 في المائة مقارنة بالشهر نفسه العام الماضي، وذلك حسب أحدث نشرة أصدرتها الهيئة العامة للإحصاء. وتوفر تغيرات الرقم القياسي لتكاليف المعيشة - التي تقيس تغير أسعار السلع والخدمات الاستهلاكية - أفضل معايير التضخم في أي دولة. وتحاول دول العالم الحد من الزيادات القوية في معدلات التضخم التي تخفض دخول معظم الأسر الحقيقية بنسب مقاربة لارتفاعاتها. إضافة إلى ذلك، تعيق معدلات التضخم المرتفعة خطط التنمية، وترفع معدلات الفائدة، وتخفض أسعار صرف العملة، وقد تعيق استدامة النمو.
وشهدت أسعار المستهلكين في المملكة تغيرات محدودة خلال الأعوام الماضية، لكنها ارتفعت في تموز (يوليو) 2020 بعد دخول زيادة ضريبة القيمة المضافة إلى حيز التنفيذ. ولكن معدلات التضخم بعد هذا الارتفاع استقرت نسبيا، حيث كانت تغيرات الأسعار محدودة في الأشهر التالية.
ارتفعت تكاليف المواد الغذائية على أساس سنوي في نيسان (أبريل)، حيث وصلت الزيادة السنوية في أسعارها إلى 8.4 في المائة.
وتمثل أسعار المواد الغذائية أهمية وخصوصا لإنفاق الأسر منخفضة الدخل، ما يدفع دول العالم إلى الحد من ارتفاع تكاليفها من خلال الدعم المباشر أو منح إعفاءات أو خصومات ضريبية للأغذية والمواد الأساسية.
شهدت مجموعة النقل من بين مجموعات الإنفاق الاستهلاكي ارتفاعات كبيرة للأسعار خلال نيسان (أبريل) 2021 مقارنة بنيسان (أبريل) 2020، حيث ارتفعت تكاليفها بنسبة 14.9 في المائة، وجاء الارتفاع القوي في تكاليف النقل بسبب ارتفاع تكاليف شراء السيارات بنسبة 10.3في المائة، التي تأثر الجديد منها برفع ضريبة القيمة المضافة وزيادة الرسوم الجمركية، وإلى حد أقل بزيادة أسعار المصدرين، كما ارتفعت أسعار السيارات المستخدمة لزيادة الطلب عليها المدفوع بارتفاع تكاليف السيارات الجديدة.
تحظى مجموعة السكن والمياه والكهرباء والغاز وأنواع الوقود أخرى بأهمية خاصة للسلة الاستهلاكية، حيث تعد أكثر المجموعات أهمية وتأثيرا في الرقم القياسي لتكاليف المعيشة. وتسهم هذه المجموعة بنسبة 25.5 في المائة من إجمالي الإنفاق الأسري الاستهلاكي. وتفيد بيانات نشرة الرقم القياسي لنيسان (أبريل) 2021 بتراجع تكاليف هذه المجموعة على أساس سنوي بنسبة 2.6 في المائة. وجاء هذا التراجع نتيجة تراجع تكاليف الإيجارات السنوية بنحو 3.7 في المائة. أما باقي مكونات المجموعة، فقد شهدت ارتفاعات متفاوتة، لكن من الغريب ألا ترتفع تكاليف بندي مصروفات شبكة المياه والكهرباء على الرغم من زيادة ضريبة القيمة المضافة على فواتير الماء والكهرباء. وهذه هفوة من معدي النشرة ينبغي تداركها لأن ضريبة القيمة المضافة ضريبة على الاستهلاك وهي جزء من السعر، وأضيفت على باقي الفواتير والسلع والخدمات الخاضعة لها.
شهدت المجموعات الأخرى المكونة للرقم القياسي لتكاليف المعيشة تغيرات سنوية متباينة في نيسان (أبريل) 2021، وكان أعلاها ارتفاعا في تغير التكاليف بعد مجموعة النقل مجموعة الاتصالات التي ارتفعت بمعدل سنوي بلغ 13.5في المائة، وذلك لارتفاع فواتير الجوال والهاتف والبطاقات مسبقة الدفع. في المقابل، أسهمت مجموعة التعليم في خفض ارتفاع مؤشر تكاليف المعيشة بنسبة تقارب 0.3 في المائة، وذلك لتراجع تكاليف الرسوم الدراسية في التعليم الخاص. وانخفضت تكاليف التعليم الخاص خلال العام الدراسي المنصرم لاقتصاره على خدمات التعليم عن بعد وذلك احترازا من انتشار الجائحة.
تتأثر تكاليف المعيشة أو معدلات التضخم بمؤثرات خارجية ومحلية. ويعد تغير أسعار العملات الأجنبية، ومعدلات التضخم في الدول المصدرة للسلع، وتكاليف الشحن والتأمين أبرز العوامل الخارجية. وارتفعت في نيسان (أبريل) 2021 المعدلات السنوية لأسعار صرف بعض عملات الدول الرئيسة المصدرة للمملكة؛ كالصين وكوريا والدول الأوروبية بعض الشيء. أما معدلات التضخم السنوية في الدول الرئيسة المصدرة للمملكة، فقد كانت منخفضة، لكن أسعار المنتجين ارتفعت في عدد منها؛ ما قد يكون رفع تكاليف الواردات بشكل محدود.
من جهة أخرى، يتأثر التضخم أيضا بالسياسات المالية والنقدية المحلية، حيث يرفع التوسع المالي والنقدي من الطلب على السلع والخدمات؛ ما قد يرفع الأسعار. وشهدت المملكة استقرارا نسبيا في السياسات المالية والنقدية في الربع الأول 2021 مقارنة بالفترة نفسها العام الماضي، وإن كان هناك تراجع محدود في الإنفاق العام.
ولا يبدو أن سياسات الإنفاق المالي والتيسير النقدي أثرت بشكل سلبي في معدلات التضخم خلال الفترة الماضية.

إنشرها