كرة القدم تخرج من عباءة الرأسمالية «2 من 2»

بينما استمرت ملحمة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي لأعوام، فقد انهارت محاولة الانفصال الكروي هذه في غضون يومين. ومهما كان المنطق المالي وراء الدوري الممتاز، فقد أخفق المخططون له في التفكير في قوة غير ملموسة لكنها لا تقاوم وهي: الاقتناع السائد بين المشجعين، واللاعبين، والمدربين، والمجتمعات المحلية، ومجتمعات بأكملها بأنهم هم المالكون الحقيقيون لليفربول، ويوفنتوس، وبرشلونة، وباقي الأندية، وليس الأباطرة.
ومن يستطيع أن يلوم المالكين على عدم توقع حدوث هذا؟ إن أحدا لم يحتج عندما طرحوا أسهم أنديتهم في البورصات جنبا إلى جنب مع أسهم "ماكدونالدز" و"باركليز". وعلى مدى أعوام، كان المشجعون يقفون وهم مكتوفو الأيدي على القلة المسيطرة وهي تصب المليارات في عدد قليل من الأندية الرائدة، ما أدى إلى القضاء على جميع المنافسات الحقيقية من خلال تعبئة قوائمها بأفضل اللاعبين في العالم.
لكن بينما يمكن أن يقبل الجمهور الأوروبي تراجع احتمال فوز متقاعس ما بأي شيء، إلى ما يقرب من الصفر، فإن الدوري الممتاز سيغتنم هذه الفرصة رسميا ليكمل بقية الطريق. إن تعظيم الأرباح الآن هو بمنزلة النهاية الرسمية لإمكانية أن يحلم فريق متواضع مثل ستوك سيتي أو بانيونيوس من أثينا بالفوز بدوري أبطال أوروبا في يوم من الأيام. والقضاء التام على الأمل، مهما كان المدى الذي أبعدته إليه الرأسمالية، بمنزلة الشرارة التي أوأدت الأوليجارشية الكروية في مهدها.
وموازاة مع ذلك، حتى أباطرة الرياضة الساخرون في الولايات المتحدة، يدركون أن رأسمالية السوق الحرة تخنق المنافسة. ويعد الدوري الوطني الأمريكي لكرة القدم نموذجا للقدرة التنافسية العدوانية، ليس فقط لأن اللاعبين ذوي اللياقة البدنية الفائقة يضحون بصحتهم من أجل الثروة، والمدح، وتحقيق الفوز في مباراة "السوبر بول". إذ يعد الدوري الأمريكي لكرة القدم الأمريكية تنافسيا لأنه يفرض على فرقه سقفا صارما للراتب، بينما يضمن للأضعف منهم اختيارهم كأفضل اللاعبين الصاعدين. لقد ضحت الرأسمالية الأمريكية بالسوق الحرة لإنقاذ المنافسة، وتقليل القدرة على التنبؤ وزيادة الإثارة إلى أقصى حد. إن التخطيط المركزي يعيش في الخطيئة مع التنافس الجامح الذي تسلط عليه الأعمال الاستعراضية الأمريكية أضواءه بصورة مباشرة.
وإذا كان الهدف هو إقامة دوري كرة قدم مثير ومستدام ماليا، فإن النموذج الأمريكي هو ما تحتاج إليه أوروبا. لكن إذا كان الأوروبيون جادين في ادعائهم أن الأندية يجب أن تنتمي إلى الجماهير، واللاعبين، والمجتمعات التي يحصلون منها على الدعم، فعليهم المطالبة بإزالة أسهم الأندية من البورصة، وتكريس مبدأ حصة عضو واحد - سهم واحد - صوت واحد في القانون.
ويمتد السؤال الحاسم حول ما إذا كان ينبغي تنظيم الأوليجارشية أو تفكيكها إلى ما هو أبعد من الرياضة بكثير. فهل تكفي أجندة الإنفاق والتنظيم التي وضعها جو بايدن الرئيس الأمريكي لكبح جماح القوة المطلقة التي تدمر بها القلة الحاكمة آفاق كثيرين؟ أم إن الإصلاح الحقيقي يتطلب إعادة التفكير بصورة جذرية فيمن يملك ماذا؟.
الآن، وبعد أن اكتشف الأوروبيون حدودهم الأخلاقية، ربما حان الوقت لتمرد ذي نطاق أوسع يدافع عن بيل شانكلي مدير ليفربول الأسطوري والاشتراكي القوي. فقد قال شانكلي: "يعتقد بعض الناس أن كرة القدم هي مسألة حياة أو موت". "يمكنني أن أؤكد لكم أنها أهم من ذلك بكثير".
خاص بـ "الاقتصادية"
بروجيكت سنديكت، 2021.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي