Author

القيم البيئية في الرؤية السعودية

|

اقتصادي في السياسات الاقتصادية وإدارة استراتيجيات الأعمال والشراكات الاستراتيجية.

اتسمت خطط الدول الاقتصادية الطموحة بصعوبة الجمع بين النمو الاقتصادي والقيم البيئية، ولا سيما تلك الدول الصاعدة في آسيا، مثل: الصين والهند وإندونيسيا ودول أمريكا الجنوبية، ومعظم الدول التي تسعى إلى ناتج محلي مرتفع يتخطى متوسط النمو العالمي، ويعزى ذلك التغافل إلى أنه لا يمكن الجمع بين تحقيق معدل نمو اقتصادي عال والمحافظة على البيئة، لأن الجمع بينهما يتطلب فرض قيود وبرامج مكلفة ماليا قد تحد من سرعة وتيرة الفوز بإنتاج صناعي مرتفع، وفي الوقت ذاته يقوم بعض الدول بالدفاع عن حقها في تسجيل نمو اقتصادي عال، وتأجيل قضايا القيم البيئية.
أصبحت هناك حالة مشابهة في صعوبة الجمع بين النمو الاقتصادي والمحافظة على البيئة على غرار المثلث المستحيل لدى الاقتصاديين، وهو استحالة الجمع بين حرية حركة رأس المال، وسياسة نقدية مستقلة، وثبات سعر الصرف، إلا أن رؤية 2030 جمعت بين السعي إلى تحقيق نمو اقتصادي طموح وبين المحافظة على القيم البيئية في الاقتصاد، ولا سيما أننا أكبر مصدري النفط في العالم، وهذا قد يبدو متناقضا نظريا إلا أن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، كسر القواعد وأعلن للعالم أن المملكة تستهدف خفض الكربون من خلال مشاريع الطاقة المتجددة التي ستكون مصدرا من مصادر الطاقة الأساسية في السعودية بمعدل 50 في المائة من إنتاج الكهرباء بحول 2030، وبهذا الإعلان فإن المملكة ستجمع بين سيادة الطاقة التقليدية الهيدروكربونية الآمنة عبر الالتزام بالمعايير البيئية الصارمة وبين الطاقة المتجددة، والجمع بينهما يعكس قوتي موارد البلاد الاقتصادية، وجودة الإدارة الاقتصادية بما في ذلك مسائل القيم البيئية.
وعند استقراء تصريحات ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، نرى أن الشمولية والتكامل حاضر في حديثه بما في ذلك الجمع بين المنفعة الاقتصادية والقيمة البيئية في إطار التعامل مع القضايا العالمية الملحة ومصالح المملكة بطريقة مشتركة، ولعل من أشهر تصريحاته في هذا الجانب "تحتاج المملكة والمنطقة والعالم أجمع، إلى المضي قدما وبخطى متسارعة في مكافحة التغير المناخي".
مبادرتا السعودية الخضراء والشرق الأوسط الأخضر لزراعة عشرة مليارات شجرة في السعودية و40 مليار شجرة في الشرق الأوسط كانت من أهم المبادرات التي لقيت ردود فعل كبيرة على المستويين الإقليمي والعالمي، ولا سيما أنها أكبر برنامج إعادة تشجير في العالم، وهو ما يعكس حرص المملكة على حماية الأرض والطبيعة وخفض الانبعاث الكربوني على المستويين العالمي بمعدل 2.5 في المائة، وفي المنطقة بمعدل خفض كربوني 60 في المائة الناتج من النفط.
أخيرا: كثير لا يعرف أن المعايير البيئية في المملكة صارمة، ولا سيما في مجالي الإنتاج الصناعي والنفطي، رغم اعتمادنا على إنتاج النفط بكثافة، ولهذا، فإن قدرتنا على الجمع بين التقدم الاقتصادي والمحافظة على القيم البيئية تعد نموذجا عالميا.
إنشرها