Author

تفاؤل بنمو الطلب رغم مخاوف الوباء

|
لقد دفعت التوقعات بانتعاش قوي في الطلب على النفط في الربع الثاني، مجموعة "أوبك +" إلى تخفيف تخفيضات الإنتاج بمقدار مليوني برميل يوميا بحلول تموز (يوليو). إن اتفاق المجموعة على تخفيف التخفيضات الجماعية بأكثر من مليون برميل في اليوم على مدى الأشهر الثلاثة المقبلة، إضافة إلى تراجع المملكة تدريجيا عن تخفيضاتها الطوعية البالغة مليون برميل يوميا يشير إلى أنها تتوقع أن يرتفع الطلب بقوة ويبرر زيادة الإمدادات. رغم أن رد الفعل الأولي المفاجئ على نتيجة اجتماع مجموعة "أوبك +" كان عمليات بيع مكثفة في النفط لأن المعروض الإضافي مقبل، إلا أن الأسعار أنهت قوية في ذلك اليوم مع مكاسب تزيد على 3 في المائة. حيث أدركت السوق أن المجموعة بقرارها طرح مزيد من النفط الخام في السوق تتوقع تعزيز الطلب على النفط. في هذا الجانب أيضا، قالت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية في تقريرها لآفاق الطاقة قصير الأجل لشهر نيسان (أبريل)، إن الاقتصاد العالمي القوي هذا العام من المقرر أن يسرع نمو الطلب على النفط إلى 5.5 مليون برميل يوميا، ما يرفع توقعات نمو الطلب بمقدار 200 ألف برميل يوميا. من المتوقع الآن أن يبلغ النمو الاقتصادي العالمي 6.2 في المائة عام 2021، بزيادة 0.4 نقطة مئوية عن آذار (مارس)، وفقا لتقديرات أكسفورد إيكونوميكس Oxford Economics التي تستخدمها الإدارة لنمذجة توقعاتها. في العام المقبل، من المقرر أن يرتفع الطلب العالمي على النفط بمقدار 3.7 مليون برميل يوميا أخرى فوق عام 2021 وأن يتجاوز مستويات ما قبل الوباء في 2019. حيث من المقرر أن يبلغ متوسط الاستهلاك العالمي للنفط 101.3 مليون برميل يوميا في عام 2022، وفقا لأحدث تقديرات الإدارة.
إن تقديرات الإدارة أكثر تحفظا حول نمو الطلب العالمي على النفط من منظمة تقديرات "أوبك". حيث تضع أحدث مراجعة تصاعدية من الإدارة الأمريكية نمو الطلب هذا العام أقل من تقديرات "أوبك"، التي كانت عند 5.9 مليون برميل يوميا في تقريرها الشهري لأسواق النفط لشهر آذار (مارس). لم يصدر بعد تقرير المنظمة الشهري لشهر نيسان (أبريل) ساعة كتابة هذا المقال. وفي تقريرها لشهر آذار (مارس)، رفعت "أوبك" توقعاتها للنصف الثاني من عام 2021. لكنها، خفضت تقديراتها للطلب على النفط للنصف الأول من عام 2021 بسبب استمرار الإغلاق في الاقتصادات الرئيسة في أوروبا ومعدلات البطالة المرتفعة في الولايات المتحدة التي أدت إلى تباطؤ الانتعاش.
قبل الاجتماع الوزاري الأخير لمجموعة "أوبك +"، توقعت اللجنة الفنية المشتركة JTC في أحدث سيناريو مرجعي لها أن ينمو الطلب بنحو 5.6 مليون برميل يوميا لعام 2021، أي بنحو 300 ألف برميل يوميا أقل من التقديرات الواردة في تقرير "أوبك" الشهري. الطلب على النفط الخام في آسيا يبدو قويا، حيث إن الطلب على البنزين قوي، لكن الطلب على الديزل ووقود الطائرات لا يزال ضعيفا. كما أضافت الهند، ثالث أكبر مستورد للنفط في العالم، مخاوف أخرى إلى توقعات الطلب على النفط، مع وجود عدد قياسي من حالات الإصابة الجديدة بفيروس كورونا وإغلاق في مومباي التي تعد أكبر مدينة في الهند.
ومع ذلك، أشارت مجموعة "أوبك +" إلى أن الثقة في الطلب انتعشت بقوة في وقت لاحق من هذا العام بقرارها إعادة نحو مليوني برميل يوميا إلى الأسواق بحلول تموز (يوليو). لكن بعد أيام من اتفاق المجموعة هذا، ألمح الأمير عبدالعزيز بن سلمان وزير الطاقة السعودي إلى أن المنظمة قد تغير مسارها إذا لزم الأمر. ونقلت وكالة "بلومبيرج" عن الوزير قوله إنه لا يوجد شيء في أسواق النفط يزعج المجموعة، لكن وزراء النفط سيواصلون الاجتماع كل شهر وسيكونون على استعداد لتغيير المسار إذا لزم الأمر.
السؤال الرئيس لأسواق النفط ولجميع المعنيين الآن هو ما إذا كانت التوقعات بتحقيق نمو قوي في الطلب على النفط في النصف الثاني من العام ستتحقق بطبيعة الحال، العامل الرئيس هو الوباء وقدرة الاقتصادات الكبرى على الخروج من عمليات الإغلاق والقيود الأخرى مع نمو اقتصادي قوي. تشير المؤشرات من الولايات المتحدة والصين إلى نمو قوي. كما ستدعم السياسات النقدية الميسرة في كثير من المجالات النشاط الاقتصادي، وبالتالي نمو الطلب على النفط. سيسمح التقدم في برامج التطعيم لمزيد من الناس بالبدء في السفر أكثر، بما في ذلك على خطوط الطيران الدولية التي من المقرر أن تحفز ليس فقط الاقتصادات، لكن أيضا الطلب على وقود الطائرات الذي تضرر بشدة من الوباء.
بالفعل، رغم الشكوك المستمرة بشأن وتيرة التعافي، لا يزال معظم المحللين يتوقعون نموا اقتصاديا قويا خلال النصف الثاني من عام 2021 الذي بدوره سيعزز الطلب على النفط. حيث تتوقع إدارة معلومات الطاقة أن تصبح أسواق النفط العالمية أكثر توازنا في النصف الثاني من عام 2021. ومع ذلك، فإن التوقعات تعتمد بشكل كبير على قرارات الإنتاج المستقبلية من قبل مجموعة "أوبك +"، استجابة إنتاج النفط الصخري الأمريكي لأسعار النفط، ووتيرة نمو الطلب على النفط من بين عوامل أخرى.
تظهر تقديرات الإدارة أن النفط الصخري الأمريكي سيستجيب لارتفاع أسعار النفط من خلال زيادة الإنتاج بين الربع الثاني والربع الرابع من عام 2021. ومع ذلك، تم تخفيض متوسط عامي 2021 و2022 لإجمالي إنتاج الولايات المتحدة من النفط الخام بنحو 100 ألف برميل يوميا و160 ألف برميل يوميا على التوالي مقارنة بتوقعات آذار (مارس). ومن المقرر أن يبلغ متوسط إنتاج النفط الأمريكي 11.04 مليون برميل يوميا هذا العام، حسب أحدث التوقعات، انخفاضا من 11.1 مليون برميل يوميا عن تقديرات الشهر الماضي. وسيبلغ متوسط الإنتاج في عام 2022 نحو 11.9 مليون برميل يوميا، وفقا لتقديرات نيسان (أبريل)، انخفاضا من 12.0 مليون برميل يوميا في آذار (مارس).
بغض النظر عن مخاوف الوباء الحالية، لا يزال معظم المحللين يعتقدون أن السوق ستكون قادرة على استيعاب العرض الجديد من مجموعة "أوبك +" مع زيادة الطلب في أشهر الصيف. على سبيل المثال، لا يزال بنك جولدمان ساكس متفائلا بشأن النفط ويتوقع طلبا قويا سيتطلب من "أوبك + "طرح مليوني برميل يوميا في السوق في الربع الثالث، إضافة إلى مليوني برميل يوميا التي قررت المجموعة والسعودية طرحها بين أيار (مايو) وتموز (يوليو).
إنشرها