تجنب التعافي العالمي غير المتكافئ «2 من 2»

عندما يتعلق الأمر بتحديد شروط القروض للدول التي تواجه ضائقة فيما يتصل بميزان المدفوعات وكثير في هذا الجانب، لا تتفق إجراءات صندوق النقد الدولي دائما مع تصريحاته. يشير تحليل أجرته منظمة أوكسفام الدولية لاتفاقيات الدعم الأخيرة والجارية، إلى أن 76 من أصل 91 قرضا تفاوض عليها صندوق النقد الدولي مع 81 دولة، خلال الفترة من آذار (مارس) إلى أيلول (سبتمبر) من عام 2020، اشترطت تخفيضات للإنفاق العام قد تؤدي إلى تقويض أنظمة الرعاية الصحية وخطط معاشات التقاعد، وتجميد أجور العاملين في القطاع العام "بما في ذلك الأطباء، والعاملون في مجال التمريض، والمعلمون"، وخفض تأمين البطالة، والأجر المرضي، وغير ذلك من المزايا الاجتماعية. الواقع: إن التقشف خاصة التخفيضات في هذه المجالات الحيوية لن يكون أداؤه في الدول النامية أفضل مما كان عليه في الدول المتقدمة. ومن المؤكد أن مزيدا من المساعدات، بما في ذلك مقترحات حقوق السحب الخاصة التي ناقشناها أعلاه، من شأنه أن يمنح هذه الدول حيزا ماليا إضافيا.
أخيرا، بوسع الدول المتقدمة أن تتولى تنظيم استجابة شاملة لمشكلات الديون الهائلة التي تواجه عديدا من الدول. إن الأموال التي تنفق على خدمة الديون هي أموال لا تساعد الدول على مكافحة الفيروس وإعادة تشغيل اقتصاداتها. في المراحل المبكرة من الجائحة، كان المأمول أن يكفي تعليق خدمة ديون الدول النامية والأسواق الناشئة لتحقيق الغرض. لكن مر الآن أكثر من عام، ويحتاج بعض الدول إلى إعادة هيكلة شاملة لديونها، وليس الإسعافات الأولية التي مهدت الطريق لاندلاع أزمة أخرى في غضون بضعة أعوام.
هناك عدد من الطرق التي تستطيع الحكومات الدائنة من خلالها تسهيل عمليات إعادة الهيكلة واستحثاث مشاركة أكثر نشاطا من جانب القطاع الخاص الذي كان حتى الآن متمردا نسبيا. وكما يؤكد تقرير لجنة معهد الفكر الاقتصادي الجديد، فإذا كان هناك أي وقت للاعتراف بمبادئ القوة القهرية والضرورة، فهو الآن. فليس من الجائز إرغام الدول على سداد ما لا يمكنها تحمله، خاصة عندما يتسبب ذلك في إحداث قدر كبير من المعاناة.
ستعود السياسات الموصوفة هنا بفوائد هائلة على العالم النامي، وستكون تكلفتها ضئيلة أو معدومة على الدول المتقدمة. الواقع: إن المصلحة الذاتية المستنيرة لهذه الدول تملي عليها القيام بكل ما في وسعها لمساعدة الناس في الدول النامية والأسواق الناشئة، خاصة عندما يكون ما يمكنها القيام به متاحا بسهولة وكفيلا بجلب فوائد هائلة لمليارات من البشر. يتعين على القادة السياسيين في العالم المتقدم أن يدركوا أن لا أحد قد ينعم بالأمان ما لم يكن الجميع آمنين، وأن الاقتصاد العالمي السليم من غير الممكن أن يتسنى في غياب التعافي القوي في كل مكان.
خاص بـ «الاقتصادية»
بروجيكت سنديكيت، 2021.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي