رؤية أمريكية جديدة لبرنامج تغيير المناخ «2 من 2»
تقترح خطة المناخ بشأن المحافظة على التنافسية تطبيق آلية تعديل حدودية لسعر الكربون. وبموجب هذه الآلية، يفرض رسم إضافي على بعض السلع ذات الانبعاثات الكربونية الكثيفة المستوردة من دول لا تطبق سعرا معادلا لسعر الكربون المعمول به في الولايات المتحدة، وذلك لتعويض الفرق. وفي المقابل، يمكن استرداد رسم الكربون عن البصمة الكربونية لأي منتج أمريكي يصدر إلى هذه الدول. والاتحاد الأوروبي ماض في تطبيق هذه الآلية، وهناك دول أخرى تفكر في تطبيقها. وإذا استحدثت الولايات المتحدة تسعير الكربون، فإن تطبيق الآلية المقترحة لتعديل سعر الكربون على الحدود يمكن أن يحافظ على تنافسية منتجات الصلب والألمنيوم الأمريكية، وغيرهما من المنتجات كثيفة الاستخدام للطاقة، على الأقل إلى أن يتم التنسيق بين الدول فيما يخص تسعير الكربون.
وفي ظل أي استراتيجية لتخفيف الانبعاثات، سيتيح التحول إلى الطاقة النظيفة كثيرا من الفرص في قطاعات مثل التكنولوجيا والطاقة المتجددة، بينما سيؤثر سلبا في بعض الصناعات القائمة. ومن ثم، سيتعين اتخاذ إجراءات لمساعدة العمال والمناطق المعرضين للتأثر في هذه القطاعات.
وحول تعزيز الحوافز على المستوى القطاعي سيظل تسعير الكربون مقيدا بالاعتبارات السياسية وغيرها من العوامل، فستكون هناك حاجة إلى تعزيزه باستخدام أدوات أخرى. ومن المناهج الواعدة في هذا الصدد استخدام نظام الرسوم والتخفيضات freebates الذي يفرض رسما على المنتجات أو الأنشطة ذات المعدلات العالية من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون ويمنح تخفيضات على المنتجات أو الأنشطة ذات المعدلات المنخفضة من هذه الانبعاثات.
ففي قطاع النقل، على سبيل المثال، يمكن تطبيق ضريبة على المركبات الجديدة تساوي حاصل ضرب سعر الكربون في الفرق بين انبعاثات المركبة لكل ميل ومتوسط الانبعاثات لأسطول المركبات، في متوسط الأميال التي تقطعها المركبة على مدار عمرها التشغيلي. وباستخدام نظام الرسوم والتخفيضات بسعر افتراضي قدره 200 دولار لكل طن من الانبعاثات، نصل إلى إعانات دعم قدرها خمسة آلاف دولار للمركبات الكهربائية، ورسم إضافي قدره 1200 دولار على كل مركبة يبلغ استهلاكها للوقود 30 ميلا للجالون. وستنخفض إعانات الدعم للمركبات النظيفة "وترتفع الضرائب على السيارات عالية الانبعاثات" مع انخفاض معدل الانبعاثات بمرور الوقت. ويمكن تطبيق نظم شبيهة على قطاعات أخرى، بما في ذلك توليد الكهرباء، والصناعة، والمباني، وزراعة الغابات، والزراعة.
وقد يحظى مزيج الرسوم والتخفيضات بقبول أكبر مما يلقاه تسعير الكربون، لكونه يتجنب إحداث زيادة كبيرة في أسعار الطاقة "إذ لا يوجد في هذه الحالة أي تمرير للأثر من إيرادات ضرائب الكربون إلى ارتفاع أسعار الطاقة". وفي الوقت نفسه، فلن تؤدي إلى تشجيع بعض الاستجابات التي يستحثها تسعير الكربون، فعلى سبيل المثال، على عكس ضرائب الوقود الأعلى، نجد أن نظام الرسوم والتخفيضات لا يشجع على الحد من قيادة السيارات. غير أنه غالبا ما يكون أكثر مرونة ومردودية للتكلفة مقارنة باللوائح التنظيمية، كما أنه يتجنب إنشاء تكلفة على المالية العامة "على عكس إعانات دعم التكنولوجيا النظيفة".
وبشأن التنسيق الدولي، فإنه يعد عاملا أساسيا، حيث تعتزم الولايات المتحدة العمل على رفع مستوى الطموح بشأن تخفيف آثار تغير المناخ لدى كبرى الدول المصدرة للانبعاثات. وفي هذا السياق، يمكن أن يساعد التنسيق الدولي، من خلال تهدئة المخاوف تجاه التداعيات المحتملة، على التنافسية واحتمالات تراجع الدول عن التزامات التخفيف. وهناك آلية واعدة مكملة لتعهدات الدول في إطار اتفاق باريس، وهي آلية الحد الأدنى الدولي لسعر الكربون، التي تقتضي موافقة كبرى الدول المصدرة للانبعاثات على تطبيق حد أدنى لسعر انبعاثاتها الكربونية. ويمكن تصميم الحد الأدنى السعري بصورة عادلة، حيث تفرض اشتراطات أشد صرامة على الاقتصادات المتقدمة، أو تقدم مساعدات للاقتصادات منخفضة الدخل، أو كليهما. ويمكن تطبيقه بمرونة أيضا لإفساح المجال أمام مناهج بديلة لها آثار مماثلة على الانبعاثات في الدول التي تصعب فيها عملية التسعير.
وينبغي للولايات المتحدة، باعتبارها ثاني أكبر مصدر للانبعاثات في العالم، أن تتخذ إجراءات حاسمة للمساعدة على تحقيق الانخفاضات المستهدفة في الانبعاثات العالمية على مدار العقد المقبل، وينبغي للإدارة الأمريكية أن تغتنم هذه الفرصة لاعتماد مناهج مبتكرة يمكن أن تعطي دفعة لجدول أعمال المناخ على كل الجبهات.