السياحة الداخلية .. اقتصاد وجمال
لا بد من الترويح عن النفس بين الحين والآخر، ومن أعظم النعم على بلادنا، ولله الحمد، سعة مساحتها وتباين تضاريسها واحتواؤها على مختلف أنواع المناخ طوال العام، حيث نجد السهول والصحاري الرملية الجميلة والجبال الشاهقة والشواطئ الرملية والأودية الخصبة، فضلا عن المئات من المعالم التاريخية والأثرية. في بلادنا خلال ساعة واحدة تستطيع أن تنتقل من الشتاء إلى الصيف ومن الصيف إلى الشتاء أي من قمم الجبال الشاهقة، حيث الارتفاعات تتجاوز ألفي متر إلى الشواطئ الدافئة وسواحل الجزر، ولا ننسى مواطن الجذب السياحي الأخرى كالكهوف والدحول التي يبلغ عدد المعروف منها حتى الآن نحو ألفين. هذا التباين يخدم السياحة بشكل كبير، نظرا لاختلاف رغبات السياح. السعوديون ينفقون حسب الإحصائيات نحو 50 مليارا سنويا على السياحة الخارجية، وكما يقال - رب ضارة نافعة - فقد جاءت جائحة كورونا لتعيد ترتيب أوراق السياحة في نظر كثير من المواطنين ولتحرف البوصلة نحو السياحة الداخلية، وذلك في ظل القيود الصارمة التي فرضتها معظم الدول على السفر التي من المتوقع أن تستمر فترة طويلة. وعلى الرغم من التطور الكبير لكثير من المواقع السياحية في المملكة، إلا أنه ما زال هناك بعض العوائق التي تحد من إقبال الناس على السياحة الداخلية، ويأتي في مقدمتها تواضع البنى التحتية في بعض المواقع السياحية والأسعار المبالغ فيها في مواقع أخرى كالقرى السياحية خاصة التي على الشواطئ. ومع أن المملكة وبحق تتمتع بشبكة طرق متقدمة إلا أن قلة المحطات وتواضع مستوياتها وعدم كفاية الخدمات التي تقدمها، تؤرق كثيرين ممن يرغبون في السفر بمركباتهم الخاصة ليتمكنوا من الاستمتاع بالطريق والمرور ببعض المواقع التي تعزز الانتماء لدى جميع أفراد الأسرة. ومع ذلك فإنه من الواجب أن نفرح ببلادنا وطيبة أهلها، وأن نثني عبر وسائل التواصل المختلفة على جمال مناطقها، وألا يكون تركيزنا فقط على السلبيات، وهي التي لا تخلو منها السياحة في أي بلد في العالم. وأخيرا فإن الجميع متفائلون بمستقبل زاهر للسياحة الداخلية في ظل رؤية المملكة 2030 التي أولت القطاع السياحي اهتماما خاصا، حيث تم إنشاء صندوق برأس مال قدره 15 مليار ريال تشجيعا للقطاع الخاص على الاستثمار في السياحة الداخلية التي أرى أنها ستكون الرهان الأول في المستقبل المنظور، و"إن غدا لناظره قريب".