محللون دوليون لـ"الاقتصادية": القطاع النفطي السعودي قوي .. الإمدادات مطمئنة

محللون دوليون لـ"الاقتصادية": القطاع النفطي السعودي قوي .. الإمدادات مطمئنة
الأسعار المرتفعة تدعم موازنات الدول المنتجة ولكنها بمثابة عبء على دول الاستهلاك.

تسبب مخاوف التضخم العالمي في تراجع أسعار النفط الخام بعد قفزة سعرية تجاوزت مستوى 70 دولارا للبرميل، بسبب أنباء عن هجمات على منشآت نفطية سعودية، إلى جانب قرار "أوبك +" تثبيت مستوى الإنتاج لشهر إضافي، فضلا عن تمديد التخفيضات الطوعية السعودية حتى نهاية نيسان (أبريل) المقبل.
وقال لـ"الاقتصادية"، مختصون ومحللون نفطيون، إن واحدة من أكثر منشآت الخام أهمية تعرضت لمحاولة هجوم صاروخي في تصعيد واضح للأعمال العدائية، ما أدى على الفور إلى قفزات واسعة في أسعار النفط، مشيرين إلى أن الهجوم الأخير هو الأخطر منذ وقوع هجوم على منشأة بقيق في عام 2019، لكن القطاع النفطي السعودي أقوى من أي هجمات ووضع الإمدادات النفطية مطمئن.
ولفت المختصون إلى أنه إذا بقيت أسعار النفط الخام عند المستويات الحالية حول 70 دولارا للبرميل، قد تشهد الدول المنتجة تعافيا اقتصاديا وتسجيل فوائض مالية، وهو ما سيوفر مساحة مالية أكبر لدعم الانتعاش الاقتصادي وتسريع وتيرة التنمية.
وأوضح روبرت شتيهرير مدير معهد فيينا الدولي للدراسات الاقتصادية، أن الهجوم الأخير يهدد بعودة المخاطر الجيوسياسية إلى المنطقة، التي لها تأثير واسع في أسعار النفط الخام، وهو ما فاقم بدوره من موجة الصعود، خاصة أن تثبيت الإنتاج وحده من قبل "أوبك +" كان قد أدى إلى طفرات سعرية منذ الخميس الماضي عقب انتهاء الاجتماع الوزاري للمجموعة.
ولفت إلى احتمالية تواصل المكاسب السعرية الحادة نتيجة الوضع المتوتر في الأسواق، مبينا أن الأسعار المرتفعة تدعم بشكل كبير موازنات الدول المنتجة، لكنها ستكون بمنزلة عبء كبير على دول الاستهلاك، خاصة الصين والهند، التي ستعاني أكثر بسبب الطفرات السعرية المتلاحقة المتوقعة.
من جانبه، قال ألكسندر بوجل المستشار في شركة "جي بي سي إنرجي" الدولية، إن مجموعة "أوبك +" اختارت في اجتماعها الأخير تمديد قيود الإمدادات النفطية، ما يعزز تشديد السوق على نحو واسع، وأضيف إليها الاعتداءات على المنشآت النفطية السعودية، وهو ما قد يجعل الفجوة بين العرض والطلب تتلاشى.
وأشار إلى ثقة مجموعة "أوبك +" باستمرار نمو الطلب، ولذا قررت بشكل مفاجىء للسوق الإبقاء على إمدادات النفط دون تغيير إلى حد كبير، بهدف تحقيق سرعة في استعادة التوازن في السوق والتخلص من فائض المخزونات، وهو ما أرسل خام برنت صعوديا على نحو قياسي، بينما دعت "أوبك +" دول الاستهلاك إلى الاستفادة من النفط الرخيص الاحتياطي المتكون لديها في العام الماضي، وهو العام الذي شهد تدهورا غير مسبوق في الأسعار، خاصة في نيسان (أبريل) الماضي.
من ناحيته، ذكر لوكاس بيرتريهر المحلل في شركة "أو إم في" النمساوية للنفط والغاز، أن السعودية تحث بقية المنتجين على الالتزام بالامتثال لحصص خفض الإنتاج، وفي الوقت نفسه العمل على التزام طريق الحذر الشديد وعدم المخاطرة في ظل الهشاشة وعدم اليقين الذي يسيطر على السوق العالمية، خاصة أن ظهور السلالات الجديدة من وباء كورونا، أدى إلى عودة مخاطر الإغلاق وتعثر تعافي الطلب بسبب غياب الاستقرار والتوازن بشكل مستمر في السوق.
وأشار إلى أن "أوبك +" سمحت بزيادات طفيفة في إنتاج روسيا وكازاخستان، بسبب صعوبات فنية وموسمية تخص البلدين، كما أن روسيا تريد بإصرار زيادة الإنتاج لمنع المنتجين الأمريكيين من إضافة الإنتاج والاستحواذ على حصصها في السوق، لكن عموما، لا تشعر "أوبك +" بأي قلق من أن منتجي النفط الصخري في الولايات المتحدة سيتحركون للاستفادة من الأسعار المرتفعة الحالية بسبب صعوبات هيكلية وتمويلية تحد من قدراتهم في المرحلة الراهنة، إضافة إلى غياب الدعم الواسع الذي كانت تتلقاه صناعة النفط الصخري من الإدارة الأمريكية السابقة.
بدورها، قالت نايلا هنجستلر مدير إدارة الشرق الأوسط في الغرفة الفيدرالية النمساوية، إن الهجوم على المنشآت النفطية السعودية هو إرهاب أسود ينال من استقرار منطقة الشرق الأوسط ويزيد الضغوط والأعباء على قطاع الطاقة الحيوي، مشيرة إلى أن الارتفاعات الحادة مثل الانخفاضات الحادة في الأسعار، جميعها ليست في مصلحة الاستقرار الاقتصادي، كما تمنع تنامي الاستثمارات وتؤدى إلى انتشار المضاربات.
وأضافت أن الخطوة المفاجئة من قبل "أوبك +" بتثبيت الإنتاج، إضافة إلى الهجمات الأخيرة، أدت إلى قفزات في أسعار خام برنت فوق 70 دولارا للبرميل، مبينة أن هذا أعلى من المتوسط السنوي المطلوب لدعم موازنات الدول المنتجة، متوقعة أن المخاطر الجيوسياسية ستنخفض في وقت لاحق، كما يمكن أن تعيد "أوبك +" بعض الإنتاج في اجتماع أبريل المقبل استجابة لطلبات دول الاستهلاك.
وفيما يخص الأسعار، دفعت المخاوف من تضخم عالمي أسعار النفط إلى التراجع أمس بعدما تجاوزت 70 دولارا للبرميل للمرة الأولى منذ بدء أزمة فيروس كورونا بدعم من تحفيز أمريكي وهجوم على منشآت نفطية سعودية.
وبحسب "رويترز"، فإنه بحلول الساعة 15:50 بتوقيت جرينتش، كان برنت منخفضا 90 سنتا، أو ما يعادل 1.30 في المائة، عند 68.46 دولار للبرميل بعدما قفز في وقت سابق إلى 71.38 دولار، وهو أعلى مستوياته منذ الثامن من كانون الثاني (يناير) 2020. لكن خام القياسي العالمي ما زال يحوم قرب أعلى مستوياته في أكثر من عام.
وهبط خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 85 سنتا، أو 1.29 في المائة مسجلا 65.24 دولار، وذلك بعد أن لامس 67.98 دولار في وقت سابق، وهو أعلى مستوى منذ تشرين الأول (أكتوبر) 2018.
أقر مجلس الشيوخ الأمريكي، السبت، خطة إنقاذ مرتبطة بكوفيد - 19 بقيمة 1.9 تريليون دولار، ما يعزز الآفاق الاقتصادية ويدفع الطلب الذي كان قد تبدد بفعل الجائحة.
ونزلت الأسهم العالمية أمس بفعل زيادة مخاوف التضخم نتيجة حزمة التحفيز الأمريكية وصعود أسهم التكنولوجيا، وهي المخاوف التي يعود بعضها إلى ارتفاع سعر النفط.
وصعدت أسعار الخام بعد أن اتفقت منظمة البلدان المصدرة للبترول وروسيا وحلفاء آخرون من منتجي النفط، في إطار مجموعة أوبك +، الأسبوع الماضي، على الالتزام إلى حد كبير بتخفيضات الإنتاج رغم زيادة أسعار الخام.
من جانب آخر، ارتفعت سلة خام "أوبك" وسجل سعرها 67.05 دولار للبرميل الجمعة الماضية مقابل 64.26 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك"، أمس، إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة، حقق ثالث قفزة سعرية على التوالي، كما أن السلة كسبت نحو ثلاثة دولارات مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي، الذي سجلت فيه 64.37 دولار للبرميل.

الأكثر قراءة