إعادة التأمين التعاوني .. فرص وتحديات

رغم أهمية التأمين التعاوني في المجتمعات، خصوصا في المملكة، ومع التوسع الاقتصادي الكبير، وعلاقة التأمين المباشرة بجميع الأنشطة الاقتصادية، بل حتى بالممتلكات والأمور الخاصة بالأفراد، إلا أن التوسع فيه ما زال محدودا، وما زال هذا القطاع يشهد شيئا من المعاناة لتكتمل جميع خدماته، حيث تواجه مجموعة من الشركات خسائر فادحة، وقليل منها يحقق نجاحا ونموا في أنشطتها.
التأمين له علاقة بكثير من الأمور في حياتنا، ونجد اليوم أن كثيرين لا يدركون الفائدة التي يمكن أن تتحقق من شركة التأمين، فعلى سبيل المثال نجد أن التأمين على الممتلكات يشهد ضعفا كبيرا فيما يتعلق بالأفراد والشركات أو المؤسسات، فقليل يدرك أهمية التأمين وفائدته للشركة، حيث يخفف من المخاطر التي يمكن أن تتعرض لها الشركات والمؤسسات بسبب عدم الاستفادة من الخدمات التأمينية التي تقدمها الشركات، وقد تكون شركات التأمين ضعيفة في جانب تسويق الخدمات التي يمكن أن تقدمها، وهذا قد يقلل من فرص توسعها في السوق في المملكة وتقديم خيارات متعددة للمستفيدين.
هذه المقدمة لا تخرج عن الحالة التي يمكن أن تواجهها شركات التأمين التعاوني سواء في المملكة أو على المستوى العالمي فوجود شركات إعادة التأمين التعاوني ضعيف جدا على المستوى العالمي، ولعل عدم تكامل المؤسسات في هذا المجال، جعل من الصعوبة بمكان إيجاد كيانات ضخمة تتولى عملية إعادة التأمين بما يتوافق مع الشريعة، إلا أن النمو المتسارع للتمويل الإسلامي يجعل من الفرص كبيرة لبناء مثل هذه الكيانات، حيث إن كثيرا من الشركات في قطاع التأمين التعاوني تجد صعوبة في إعادة التأمين في بعض المنتجات التأمينية، نتيجة لأن الاستثمار في قطاع التأمين التعاوني يركز على شركات التأمين باعتبارها الأكثر علاقة وبشكل مباشر بالمعاملات مع الأفراد، وبالتالي تستطيع أن تسوق لنفسها بأنها تتعامل بما يتوافق مع الشريعة، وهذا لا يوجد في إعادة التأمين، وهي شبيهة بما يتعلق بصور التمويل في البنوك التي توفر خيارات كثيرة للأفراد متوافقة مع الشريعة، لكن اهتمامها يقل فيما يتعلق بمنتجات الخزانة باعتبار أنها لا تستهدف الأفراد في منتجاتها.
لكن مع المنافسة بين شركات التأمين لأن تكون أعمالها فعليا متوافقة مع الشريعة وإصرار الهيئات الشرعية على أن تبحث شركات التأمين عن شركات إعادة تأمين متوافقة مع الشريعة، وأن الموافقة على إعادة التأمين في شركات غير متوافقة مع الشريعة، فهو خيار مؤقت إلى حين وجود بديل تتوافق أعماله مع الشريعة، ومن هنا سيكون لوجود شركات إعادة التأمين المتوافقة مع الشريعة فرص كبيرة، ومع الانفتاح الكبير في الاقتصاد العالمي اليوم فمن الممكن أن تكون لشركات إعادة التأمين التعاوني فرص كبيرة لتوفير إعادة التأمين لشركات كثيرة حول العالم تتعامل بالتأمين التعاوني، حيث إن الخيارات عالميا لإعادة التأمين التعاوني ضعيفة جدا رغم الفرص الكبيرة في هذا القطاع.
من الفرص التي يمكن أن تتحقق من خلال دعم إيجاد شركات إعادة للتأمين التعاوني هو استقطاب الاستثمارات، حيث إن الاستثمار في قطاع التأمين يعد مغريا ويحمل كثيرا من الفرص، وما زال الاهتمام بقطاع التأمين التعاوني من حجم التمويل الإسلامي ضعيف رغم الفرص والحاجة الماسة إليه في مختلف القطاعات الاقتصادية. واليوم التمويل الإسلامي يحقق نموا جيدا رغم الظروف الصعبة والتقلبات الاقتصادية التي يشهدها العالم، فالتمويل الإسلامي بدأ يشكل اليوم منظومة متكاملة ليكون خيارا يشهد فرصا في مشهد الاقتصاد العالمي، فلم يعد ينظر إليه على أنه بديل فقط للتمويل التقليدي، بل أصبح يستقطب استثمارات من مختلف دول العالم حتى من غير المسلمين أو من الصناديق الاستثمارية الكبرى حول العالم، حيث إنه يشكل تنوعا في المحافظ الاستثمارية وخيارا مجديا للاستثمار.
الخلاصة: إن إعادة التأمين التعاوني فيه اليوم فرص كبيرة رغم التحديات التي يمكن أن تواجه هذا الاستثمار، حيث إن خيارات شركات التأمين التعاوني لإعادة التأمين محدودة مقارنة بحجم الطلب وعدد شركات التأمين التعاوني، كما أن التمويل الإسلامي يشهد نموا وثقة عالية حاليا من المستثمرين، ما يجعل الاستثمار في قطاع إعادة التأمين التعاوني فرصة لهم، إضافة إلى أنه فرصة لاستقطاب الاستثمارات، إذ إنه مع قلة شركات إعادة التأمين التعاوني عالميا، فإن كثيرا منها ستقبل بشكل كبير على أي خيار لها ممكن من خارج دولها.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي