Author

الناس أجناس

|
كثيرا ما نسمع مقولة "الناس أجناس" وبالذات عندما يصادفنا من نلحظ في طباعه أو أخلاقه أو تصرفاته تميزا، سواء كان هذا التميز إيجابيا أو سلبيا، فالله سبحانه وتعالى خلق الناس وجعلهم متباينين في أشكالهم وألوانهم، ولكننا لا نتحدث عن هذا التباين، وإنما نقصد التباين في الطبائع والسلوكيات، وهي الأمور التي يمكن اكتسابها وتعلمها وتعويد النفس عليها. فلو نظر كل منا إلى من حوله كالوالدين أو الزوج أو الزوجة والأبناء، بل حتى لو نظر إلى نفسه التي بين جنبيه لوجد التفاوت العجيب الذي بعضه فطري جبلي وبعضه الآخر مكتسب، سواء من خلال التربية الأسرية أو من خلال المعاشرة مع الآخرين. وفي الحديث "الناس معادن كمعادن الذهب والفضة.. الحديث". ألسنا نرى بوضوح أن في الناس الأحمق والحليم، والكريم والبخيل، والعاقل والجاهل، ومرهف الإحساس ومن هو دون إحساس! ومن هنا تتضح حكمة الخالق سبحانه في تنوع المجتمع البشري فلو كان الناس كلهم على طبع واحد لتسرب الملل إلى الكون، ولكنها إرادة كونية تنسحب حتى على الجمادات فتجد الأرض الطيبة المخصبة وتجد الأرض السبخة التي لا تنبت، وتجد الماء العذب الزلال يقابله الماء الملح الأجاج، كذلك تجد في الناس من طبعه الإيجابية وحب الخير ومساعدة الآخرين، في حين تجد الإنسان السلبي غير المكترث بأحد، وتجد المبتسم البشوش وآخر مكفهر عابس الوجه، ومن الناس من طبعه غريب لا يمكن فهمه على الإطلاق فهو يميل في كل اتجاه حسب مصلحته الشخصية، يقول الشاعر العربي:
لا يستوي الناس يا ابن الناس فالناس
في عالم الناس أغراس وأجناس
في مستوى الناس شتان معادنهم
بين المعايير مقدار ومقياس
ويؤيد ذلك الشاعر الشعبي حيث قال:
سبحان ربي خالق الناس أجناس
ناس تكانه وناس من أبغض الناس
ناس لها في الخير رزه ونوماس
وناس لها في الشر ما يبثر الناس
ومن المؤكد أنه لا غنى للناس عن بعضهم بعضا مهما اختلفت طباعهم، والموفق من كان مفتاحا للخير مغلاقا للشر سعيدا في ذاته حريصا على إسعاد الآخرين، يرى أن سعادته ناقصة ما لم يشاركه الآخرون في ذلك، يتمثل قول شاعرنا المبدع:
يا ضايق الصدر بالله وسع الخاطر
دنياك يا زين ما تستاهل الضيقه
إنشرها