القائد أم المدير؟

نقاش مستمر في عالم الأعمال والشركات حول تعريف من القائد؟ وما سماته؟ وهل يختلف دوره عن المدير؟ دراسات وبحوث مستفيضة تناولت الموضوع بإسهاب، خصوصا في الجامعات وكليات الأعمال وما زال الجدل قائما حول الفروق بين القائد والمدير. تاريخيا، تعود الدراسات التي تتناول نظرية القيادة وفحص سماتها وهل هي مكتسبة أو فطرية إلى القرن الـ 19 الميلادي. حيث كانت بداية الاهتمام بها في السياق العسكري للتعرف على قادة الجيوش وسماتهم والاستثمار في بناء القدرات القيادية. وانصب التركيز في تلك الحقبة حول أبرز صفات القادة، كالقدرة على التحفيز والإبداع والأمانة والثقة بالنفس والذكاء، والقائمة تطول. لكن مع تراكم التجارب والبحوث والدراسات الأكاديمية إلى جانب نشأة الشركات الكبرى، في منتصف القرن الـ 20 طرأ تغيير عام في بحث موضوعات القيادة. في هذه المرحلة خصوصا، تحول الاهتمام من السمات إلى السلوك. وكيف يتصرف القائد أو يتفاعل وفقا لمهاراته المكتسبة وليس من خلال سماته الأصيلة أو الموروثة. أما قبل القرن الـ 21، فتطورت نظرية القيادة الحديثة modern leadership theory ليكون الموظف والمنظمة والبيئة التي يعمل بها موضع الاهتمام والبحث. كما تناولت أكثر من بعد في تحديد معايير اختيار القائد، لتشمل السمات والسلوك معا وملاءمتها للجهة التي سيقودها.
في مقالة للدكتور جون كوتر أستاذ القيادة السابق في كلية هارفارد للأعمال التي نشرت في مجلة "هارفارد بزنس ريفيو" بعنوان: "ما يفعله القادة حقا" مسلطا الضوء على الوظيفة الرئيسة للقائد وبماذا تختلف عن وظيفة المدير. ذكر أن وظيفة القائد في المقام الأول هي تهيئة الشركات والمنظمات للتغيير، وإدارة تلك الشركات خلال رحلة التغيير المضنية التي يتخللها أنواع من الصعوبات أو حتى المحاولات المضادة للإبقاء على وضعها الراهن. على النقيض من ذلك، ينصب جهد المديرين، حسب كوتر، على وضع الخطط وحل المشكلات العصية التي تواجهها الشركات وحلحلة تعقيداتها. من الفوارق الرئيسة أيضا بين القائد والمدير، أن القائد يحدد الاتجاه العام للمنظمة واضعا على كاهله مسؤولية إيصال هذه الرسالة لجميع موظفيه، أما المدير فيتولى التخطيط طويل الأمد وضمان السير عليه، ووضع الموازنة العامة والتنفيذ خلال محدداتها. أيضا عرج الدكتور كوتر على مسألة توجيه الموظفين وأن القائد يتولى توجيه الموظفين واصطفافهم باتجاه التوجه الاستراتيجي أو رؤية الشركة عموما، بينما يضطلع المدير بمهمة وضع هيكل وظيفي يسكن عليه الأنسب من الموظفين لتحقيق خطط الشركة المرسومة سلفا.
باقتضاب، يمكن القول إن القائد يتسم بالمرونة ويتعامل مع ثقافة التغيير بفاعلية ويضع الخطوط العريضة والاتجاه العام للمنظمة. أما المدير فهو ضابط الالتزام بخطط الشركة وتنفيذها، والموفق بين هيكلها التنظيمي وشاغليه من الموظفين، مهتما بالتفاصيل والمسائل الروتينية. وإجابة عن عنوان هذا المقال، فإن كلا من القائد والمدير مهمان في ضمان نجاح الشركات واستمرار نموها وتوسعها. فمتى ما اجتمع لدى القائد النظرة الشمولية والقدرة على إحداث التغيير وإدارة هذا التغيير بفاعلية جنبا إلى جنب مع إدارة الموظفين بكفاءة وتحفيزهم والالتزام بالمهام الرئيسة وتنفيذها، فإن النجاح سيكون حليفا للمنظمة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي