Author

لماذا لا تستفيد المنظمة من بياناتها؟

|

أستاذ الطاقة الكهربائية ـ جامعة الملك سعود

[email protected]

تعد الاستراتيجية الرقمية أحد مرتكزات التحول الرقمي، وتمثل البيانات العمود الفقري لها ومنها تبنى تجارب العملاء وسبل التنافسية وإيجاد القيم وصناعة الابتكار. وبالنظر إلى سياسة الاقتصاد الرقمي الذي أقر أخيرا من مجلس الوزراء، نرى أن البيانات أحد مكوناته الأساسية. ولسنا هنا بصدد الحديث عن ماهية البيانات والمعلومات أو طرق تحويلها أو معالجتها أو تخزينها أو إدارتها، وإنما المشاهد محليا هو عدم قدرة المنظمة أو الشركة على الاستفادة من البيانات بكل فاعلية.
إن أغلب العلامات التجارية الناجحة تستخدم بيانات العملاء لتوجيه قراراتهم التسويقية، لكن بعضهم لم يتمكن من أخذ بياناتهم التي بحوزتهم وتحويلها إلى رؤية قابلة للتنفيذ بشكل صحيح. ومن هنا نرى أن لدى المنظمة البيانات لكن ليست بالضرورة قادرة على استخدامها لتطوير الاستراتيجية أو حل المشكلات أو توليد أفكار ابتكارية. وعندما تتحدث مع منسوبي بعض المنظمات المحلية حول كيفية استخدامهم للبيانات، فإنهم يعبرون عن نوع من المشكلة المعاكسة وهي: "إننا نسبح في بيانات ونكاد نغرق في بحرها دون الاستفادة التامة منها".
هناك عديد من الأسباب وراء حدوث ذلك حيث يمكن للمنظمة الوصول إلى البيانات، لكن لا يمكنها استخدامها بشكل فعال، حيث إن أحد العوائق هو أن الموظفين أنفسهم ليس لديهم حق الوصول إلى البيانات في المنظمة. ورغم أنها الأقل تفشيا لكنها تظل علامة استفهام. قد يكون قد وقع بالفعل على اتفاقية عدم إفشاء الأسرار، وهنا تبرز مشكلة إدارية عليا تستوجب التدخل الفوري. ومن العوائق أيضا أن ليس لدى الموظفين ما يكفي من البيانات، وقد يعزى السبب إلى أنها قديمة أو ضائعة أو لا يمكن الوثوق بها، ولعل الحل هو افتراض الناقص منها أو البحث عنه خلال مدة زمنية معينة. كذلك يدعي بعض الموظفين أن لديهم البيانات لكنهم غير قادرين على ربطها مع واقع المنظمة أو صناعة القرار وهو أمر بالغ الأهمية لصياغة كثير من الرؤى وصنع القرارات، ويجب على المنظمة توفير التدريب اللازم للموظفين على كيفية تفعيل ومعالجة وقراءة البيانات. ومن المثير للاهتمام أن التحدي الأكثر شيوعا على المستوى المحلي هو افتقار بعض المنظمات إلى مشاركة البيانات عبر أقسامها أو قطاعاتها. ما يضطر القسم إلى رفع الطلب إلى أعلى المستويات وأحيانا إلى القيادة العليا من أجل طلب بيانات محددة، وهذا يدل على فجوة واضحة تستوجب التدخل وصياغة اللائحة الداخلية للمنظمة.
أما مشاركة البيانات بين المنظمات أنفسها، نعتقد أنها ما زالت في بداية الطريق. وتستند بعض العوائق عموما إلى عدم الثقة في البيانات أو الطمأنينة في مشاركة البيانات مع الآخرين أو رفع سرية جميع البيانات أو الخشية من استخدام هذه البيانات ضد المنظمة ذاتها. لذلك تقوم الشركات الاستشارية بدور في جمع وترتيب المعلومات مع المنظمة أو غيرها، سواء افتراض البيانات الناقصة أو ربطها أو معالجة البيانات، وأحيانا الحديث الودي مع الإدارات لأخذ البيانات الضرورية، بما يضفي تكاليف إضافية غير مبررة، مع أنه ليس أمرا صعب المنال. لذلك تجد أن الشركات الاستشارية - المحنكة - تملك بيانات ومعلومات متعددة ولها طرقها في الوصول إليها على جميع الأصعدة.
مفهوم البيانات المفتوحة يجب أن يفعل وتلزم به المنظمات وسيثري الدراسات وصناعة القرارات ويقلل الجهد والمال في البحث. وقد يكون من الأنسب تنظيميا العمل نحو تطوير لائحة وطنية للبيانات السرية وتعريفها وسبل مشاركتها مع الآخرين بشكل آمن وموثوق به.

إنشرها