موسم التأمل
عندما فضل الله سبحانه وتعالى العلماء ذاكرا في محكم التنزيل أنهم هم الذين يخشونه حق الخشية، "إنما يخشى الله من عباده العلماء"، فإن ذلك يعود إلى أنه كلما كانت المعرفة لله أتم والعلم به أكمل كانت الخشية له أعظم وأكثر، ولذا نلحظ كثيرا من العلماء من غير المسلمين سرعان ما يدخل الإيمان في قلوبهم عندما يتضح لهم أن ما يرونه أو يصلون إليه في مختلف العلوم كعلوم الفضاء أو الطب وغيرها، أن ذلك يستحيل أن يكون من صنع البشر، والآيات في الحث على التأمل كثيرة، "إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا.. الآية"، "أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت وإلى السماء كيف رفعت وإلى الجبال كيف نصبت.. الآية". إن الإسلام دين فطرة لا دين كهنوت، دين يتسلل إلى شغاف القلوب بوضوحه وبساطته. هذه الأيام توالت الأمطار على بلادنا ولله الحمد واستبشر الناس بذلك وحق لهم، فخرجوا إلى البراري للاستمتاع بالأجواء الجميلة والمناظر الخلابة وجريان المياه في الأودية والشعاب والتمتع بمناظر السحب وتشكيلاتها وتوثيق ذلك ونشره في وسائل التواصل الاجتماعي. كل ذلك أمر جميل ومحمود، وهنا فإنه من المؤمل منا جميعا أن نقوم بجانب ذلك بالتفكر والتأمل فيما خلق الله من آيات عظيمة كالسموات والأرض وما فيهن، وفيما أبدع سبحانه من تعاقب الليل والنهار، والشمس والقمر وغير ذلك، ففي هذا عبادة وأي عبادة! "إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السموات والأرض، ربنا ما خلقت هذا باطلا.. الآية". إنه لمن المهم التأمل والتفكر في كل شيء بما في ذلك سلوك الكائنات الحية كالطيور والحشرات والدواب، ففي كل شيء له آية تدل على أنه واحد، وقد وردت "لآيات لقوم يتفكرون" في عدة مواضع من القرآن الكريم. إن التأمل يورث الحكمة للإنسان ويزيد في إيمانه ويفتح له أبواب العلم والمعرفة، وأخيرا نقول نعم "اخرجوا واستأنسوا واستمتعوا" ولكم أن شئتم أن يكون ذلك عبادة بأن تدخلوا نية التفكر في خلق الله وهو أمر يسير وغنيمة باردة.