Author

أنباء اللقاح الإيجابية هل تستمر في دفع الأسعار؟

|
في الأسبوع الماضي، استمرت أسعار النفط في الارتفاع بعد أن أعلنت شركة ثالثة تطور لقاح ضد فيروس كورونا نتائج إيجابية فعالة. في ظل هذه التطورات قد تستمر أسعار النفط في الارتفاع بعض الوقت، لكن من المفيد توخي الحذر عند المراهنة على ارتفاعها إلى ما لا نهاية. بعد أن قالت شركة أسترازينيكا AstraZeneca إن لقاحها لديه فاعلية بنسبة 90 في المائة في بعض الحالات، قفزت أسعار النفوط القياسية في الأسبوع الماضي إلى أعلى مستوياتها في ثلاثة أشهر، حيث سارع المتداولون إلى بناء مواقعهم قبل الانتعاش الذي - منطقيا - يجب أن يتبع حملة التطعيم الناجحة.
في هذا الصدد، قال محللو "رويترز": إن مديري الصناديق الاستثمارية ذهبوا أيضا في موجة شراء، وأشاروا إلى أن إجمالي المشتريات التي تمت في عقود النفط الخام والمنتجات الأكثر تداولا خلال الأسبوعين الماضيين بلغ 539 مليون برميل، وهو الأعلى منذ بداية أيلول (سبتمبر). ولاحظ المحللون أيضا أن موجة الشراء هذه لم تقتصر على عقود النفط الخام ومنتجاته فقط. حيث قال بنك أمريكا: إن المتداولين اندفعوا إلى الأصول الأكثر خطورة بعد أن أعلنت شركتا فايزر وبيونتك Pfizer and BioNTech وشركة مودرنا Moderna فاعلية اللقاحات التجريبية ضد فيروس كورونا، وضخوا نحو 27 مليار دولار في صناديق الأسهم وأسهم القطاعات الأكثر تضررا من الوباء، بما في ذلك الطاقة، والمصارف والسفر. لكن البنك حذر من المبالغة في التفاؤل حيث قال: إن أسعار الائتمان والأسهم ستبلغ ذروتها في الأشهر المقبلة في ظل ذروة الشراء، سياسة الذروة وذروة الأرباح مع ارتفاع التفاؤل قبل توزيع اللقاح.
من جانبها، ترى إدارة معلومات الطاقة الأمريكية أن ارتفاع حالات الإصابة العالمية بفيروس كورونا وعودة النفط الليبي في وقت أقرب مما توقعه المشاركون في السوق هو الخطر الرئيس على أسعار النفط الآن. تتوقع الإدارة أن تستمر المخزونات العالمية في الانخفاض في الأشهر المقبلة، لكن مستويات مخزون النفط العالمية العالية وطاقات إنتاج النفط الخام الفائضة ستحد من الضغوط التصاعدية على أسعار النفط. وأضافت الإدارة: إن أسعار برنت ستظل على الأرجح تراوح بالقرب من 40 دولارا للبرميل حتى نهاية عام 2020، وحذرت من مخاطر هبوطية. يمثل عدم اليقين بشأن الاستجابة لحالات الإصابة المتزايدة بفيروس كورونا خطرا سلبيا على توقعات الإدارة للطلب العالمي على النفط للربع الرابع من عام 2020 والنصف الأول من عام 2021، وفقا للإدارة، التي خفضت أيضا تقديراتها لاستهلاك النفط العالمي بين الربع الرابع ومنتصف عام 2021 بمقدار 400 ألف برميل في اليوم مقارنة بتقديرات تشرين الأول (أكتوبر). وقالت الإدارة: إن وتيرة تعافي الطلب على النفط لن تؤثر فقط في توقعات عمليات سحب مخزون النفط، لكنها قد تؤثر أيضا في الزيادات المخطط لها في إمدادات النفط من مجموعة "أوبك +"، التي ستقوم بتصميم إنتاجها بشكل عام ليتناسب مع وتيرة تعافي الطلب العالمي على النفط.
في الواقع، كلما ارتفعت أسعار النفط والأسهم بسبب هذا الاتجاه الصعودي الذي حفزه اللقاح، أصبحت أكثر عرضة للتصحيح. وهذا ما لاحظه محللو "رويترز" وحذر منه محللو المصارف في ملاحظاتهم لعملائهم. يبدو أن المشكلة هي أن المتداولين يشترون أخبار فاعلية اللقاح، لكن الفاعلية والأمان ليستا سوى البداية. كما أن التوزيع السريع هو جانب رئيس آخر لنجاح اللقاح، وحجم عمليات التلقيح جانب آخر. عملية التوزيع والتلقيح التي قال رئيس برنامج التطعيم التابع للحكومة الفيدرالية الأمريكية إنها قد تبدأ أوائل كانون الأول (ديسمبر)، ستستغرق عدة أشهر على الأقل حتى تصبح حجم اللقاحات كبيرة بما يكفي لإحداث فرق فيما يسمى الوضع الطبيعي الجديد.
بعبارة أخرى، ستمر عدة أشهر على الأقل قبل أن يرتفع الطلب على النفط بطريقة تكون ذات تأثير مهم بالنسبة للأسعار في المدى القصير. هذا بالطبع، إذا لم تكن هناك آثار جانبية خطيرة من اللقاحات المعتمدة التي يمكن أن تحدث نوعا جديدا تماما من التدهور في أسواق النفط، وغيرها من الأسواق.
في الوقت نفسه، تسهم مجموعة "أوبك +" في الاتجاه الصعودي من خلال الميل نحو تمديد تخفيضاتها الحالية لمدة ثلاثة أشهر، رغم وجود بعض المعارضة. في الواقع، ظلت أسعار النفط ثابتة في الأسابيع الماضية على خلفية التوقعات أن "أوبك +" تتجنب السماح بتخفيف تخفيضات الإنتاج كما هو مقرر في كانون الثاني (يناير)، وبدلا من ذلك تؤجل ذلك حتى نهاية الربع الأول على الأقل.
في الأسبوع الماضي، دعمت الأخبار الواردة من الصين الأسعار أيضا: حيث أفادت "بلومبيرج" أن الصين بدأت في خفض مخزوناتها النفطية مع انتعاش الطلب المحلي وتراجع الواردات، لأن المصافي المستقلة استهلكت معظم حصص وارداتها. لقد كانت مخزونات الصين مصدر قلق لتجار النفط عندما كانت تقترب من طاقتها القصوى، لذلك كانت أخبار تراجع المخزونات موضع ترحيب في الأسواق.
في الوقت الحالي، الوضع القائم أمر جيد لسوق النفط. حيث تلتزم شركات الأدوية بمواصلة تقديم التحديثات، ومن المرجح أن تكون إيجابية. قد يستمر ارتفاع الأسعار لمدة أسبوع أو أسبوعين إذا قررت "أوبك +" تمديد تخفيضاتها لأكثر من ثلاثة أشهر. لكن من المحتمل أن ينتهي الأمر عندما يتحقق المتداولون من الواقع على الأرض، وهو أمر لا بد من أن يحدث. حيث لن يعود السفر الجوي إلى مستويات ما قبل الجائحة بين عشية وضحاها. بل لن تعود إلى طبيعتها خلال أسبوعين أيضا. سيستغرق الأمر شهورا. كلما قبل اللاعبون في السوق هذه الحقيقة مبكرا، قل احتمال حدوث انخفاض كبير في أسعار النفط بسبب المتداولين المترددين.
إنشرها