FINANCIAL TIMES

المستثمرون على حق .. الانتعاش آت

المستثمرون على حق .. الانتعاش آت

متداولون في بورصة نيويورك يعكس محياهم أداء سوق الأسهم الجيد.

إنه لأمر غاية في التناقض. سجل كل من مؤشر ستاندرد آند بورز 500 وداو جونز الصناعي مستويات قياسية خلال الأسبوع الماضي. في الوقت نفسه يكافح الاقتصاد الأمريكي للتعافي، وسوق العمل ضعيفة، وكلا القطاعين العام والخاص يراكم مستويات قياسية من الديون بسبب الوباء المدمر.
يشير الانتهاء الوشيك لشبكات أمان السياسة في الولايات المتحدة إلى مزيد من البطالة، إلى جانب ارتفاع حالات التخلف عن السداد في الشركات العام المقبل. القصة هي نفسها في جميع أنحاء العالم المتقدم.
من المغري أن وصف مزاج المستثمرين بالتفاؤل المفرط. ومع ذلك، فإن السوق محقة في النظر من خلال هذا التضخيم الواضح للانفصال بين أسعار الأسهم والاقتصاد الحقيقي. منذ الذعر الناجم عن فيروس كورونا في آذار (مارس)، ظلت الأسهم مدفوعة بسياسات مالية ونقدية توسعية بشكل كبير. إذا أخذنا في الحسبان الأخبار الجيدة الأخيرة حول اللقاحات، فإن ذلك يضمن إلى حد كبير حدوث انتعاش اقتصادي قوي في 2021.
كريس واتلينج، من موقع لونج فيو إيكونمكس، يشير إلى أن قطاع الشركات الأمريكية حقق تدفقات نقدية احتياطية حرة في الربع الثاني من هذا العام، على الرغم من الانكماش الاقتصادي الذي يمثل عادة بداية دورات اقتصادية جديدة. ويضيف أن الأسر في جميع أنحاء العالم لديها مستويات كبيرة من المدخرات الزائدة تصل إلى 7.5 ـ 10 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي - وهو ما يكفي لإثارة مستويات عالية من الإنفاق المحتمل والتحفيز الاقتصادي.
رغم ذلك، يجب على المستثمرين أن يدركوا أن السوق المدفوعة بشكل كبير بالسياسة غالبا ما تخزن المشكلات المستقبلية. هذا هو الحال بالتأكيد هنا لأن أسعار الفائدة المنخفضة للغاية الناتجة عن برامج شراء الأصول لدى البنوك المركزية زعزعت العلاقة الطبيعية بين المخاطرة والمكافأة.
يتعلق أحد الأمثلة الواضحة بالانضباط الذي يفرضه حراس سوق السندات عندما يهدد إصدار السندات الحكومية المفرط بعودة التضخم. ببساطة لا توجد أي غاية من رفض المستثمرين استيعاب الأوراق الحكومية إذا كانت البنوك المركزية سترفع أسعارها في كل الأحول.
في "النظرية العامة للتوظيف والفائدة والمال"، تحدث جون ماينارد كينز عن الموت الرحيم للريعيين كون المستثمرين الذين يعتمدون على دخل الفائدة سيكافحون للبقاء على قيد الحياة مع انخفاض الأسعار. في عالم اليوم الذي يشهد معدلات فائدة منخفضة وسلبية نشهد كلا من الموت الرحيم للريعيين ولحراس السندات.
من خلال إجبار المستثمرين على البحث عن العائد ضمنت البنوك المركزية أيضا أن يساء تسعير مخاطر الائتمان. المثال اللافت للنظر الأسبوع الماضي هو إصدار بيرو ديونا سيادية لمدة 100 عام وقسيمة قدرها 3.23 في المائة مباشرة بعد حدوث أزمة دستورية. بيرو ليست الأرجنتين، لكن لا يزال هذا الإصدار يتخذ وجهة نظر سخية للغاية في هذه المنطقة المعرضة تاريخيا للتخلف عن السداد.
إن العواقب الأكثر خطورة لسياسات الوبنك المركزي غير التقليدية هي المخاطر المعنوية. توفر أسعار الفائدة المنخفضة للغاية حافزا للاقتراض لأنها تقضي على معاناة خدمة الديون لذلك النتيجة كانت انغماسا غير عادي في الديون. يقدر معهد التمويل الدولي، وهو هيئة لصناعة التمويل، أن الدين العالمي سيرتفع أكثر من 20 تريليون دولار من مستويات 2019 إلى 277 تريليون دولار بحلول نهاية العام الجاري، أي ما يعادل 365 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.
يبدو أن قدرة تكديس الديون على توليد النمو آخذة في التراجع. هذا أمر مقلق لأن صندوق أدوات السياسة النقدية التكميلية قريب من أن يكون مكشوفا. في الشهر الماضي كتبت جيتا جوبيناث، كبيرة الاقتصاديين في صندوق النقد الدولي، في "فاينانشيال تايمز" أننا واقعون في فخ سيولة عالمي. ذلك أن أسعار الفائدة منخفضة للغاية لدرجة أن الأسر والشركات تخزن النقد. عندما يحدث هذا الأمر يتوقف التحفيز النقدي عن إحداث تأثير كبير على مستوى السعر.
لذلك كثير من الخطب الحماسية من قبل محافظي البنوك المركزية تدعو إلى سياسة مالية تتحمل مزيدا من العبء في معالجة تداعيات الوباء. مع ذلك، خطط الولايات المتحدة لمزيد من التوسع المالي عالقة في مبنى الكابيتول هيل، بينما في أوروبا هنغاريا وبولندا تعوقان التصديق على ميزانية الاتحاد الأوروبي وعلى صندوق التعافي المقترح الخاص بفيروس كورونا.
من الصعب لوم البنوك المركزية على أفعالها منذ الأزمة المالية الكبرى في 2007 - 2008. من دونها كان الكساد أمرا محتوما. المشكلة هي أن العالم سيكون ضعيفا بشكل متزايد عندما يحل الوقت المناسب لوصول التضخم، لأن البنوك المركزية ستحجم عن زعزعة استقرار الاقتصاد والنظام المالي من خلال رفع أسعار الفائدة عندما يكون الدين عند مستويات غير مسبوقة خشية تعريض استقلالها للخطر.
الأسهم عند تقييمات عالية. على المدى القصير ستتقلب السوق وتتحول استجابة لأخبار فيروس كورونا واللقاحات. مع عودة المقتنيات النقدية لمديري الصناديق الآن إلى مستويات ما قبل فيروس كورونا، وفقا لمسح مديري الصناديق العالمية لبانك أوف أمريكا، قد تكون هناك فترة متذبذبة. لكن المستثمرين على المدى الطويل يجب أن يتجاهلوا الأمر. من المحتمل أن تتحسن الأخبار المتعلقة بالسياسة المالية، ولا شك أن الانتعاش آت.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES