Author

تسامح واستهلاك

|
بتأثير العولمة يتزايد عدد الأطفال الذين يريدون الاحتفال كليا أو جزئيا بعيد "الهالوين"، ورأيت أكثر من والدة ووالد يسألون عن التصرف الصحيح، هل يسمحون بذلك؟ أم أن في الأمر إشكالا ثقافيا، وهم يقصدون إشكالا دينيا بالنسبة إلى الأطفال المسلمين.
إجمالا، يلمس المراقب تعاظم مستوى تسامح السعوديين مع المناسبات العالمية، ربما لازدياد الوعي بأن ثقافة ما أخرجتها من دائرتها المحلية إلى دوائر "العادات" أو دوائر الثقافة العالمية.
كلما صغر سن الفرد اليوم في العالم، أصبح اقترابه أكثر من "عولمة" هذه المناسبة، وكل المناسبات المماثلة، ويمكن الرصد من خلال ما يقوله الأطفال، وتقوله الأسواق والمحلات، وبالطبع وسائل التواصل الاجتماعي، التي يصعب التعويل على صدقيتها بالقدر نفسه الذي يسهل معه أخذ الانطباعات منها.
لا شك أن انحسار هيمنة مرحلة معينة على المجتمع، جعله يتصرف بطبيعية أكثر، يتقارب مع ما يحدث داخل وخارج البلاد دون حساسية، ودون التماس مع التشدد تجاه أشياء يفرضها التعايش على هذا الكوكب، أو التجاور بين أكثر من ديانة في البلد الواحد أحيانا.
قرأت أن "الهالوين كما يحتفل به الآن في دول كثيرة حول العالم، متأثر بالنسخة الأمريكية، وذلك بسبب هيمنة الثقافة الأمريكية على الإعلام في عصر العولمة، وهي نسخة بعيدة كل البعد عن الجذور الدينية"، وبالتالي فإن التشدد مع الأطفال الذين لا يمكنهم استيعاب الفكرة الأساس، والفكرة المحورة لهذه المناسبة، قد لا يكون مناسبا دائما.
ما يخطر في بالي ليس النصح بالاستجابة لطلبات الأطفال، فهذا شأن خاص بكل فرد، إنما البحث عن الوسيلة التي نجعل معها أعيادنا نحن تصل إلى هذه المستويات، لتصبح إحدى أدوات التأثير الثقافي، لم لا وهي تمثل دينا يدين به ثلث سكان الكوكب تقريبا.
معظم أعياد الأمم ارتبط بشكل أو بآخر باعتقاد ديني أو أسطوري، سواء كان هذا الاعتقاد صحيحا وأصيلا، أو محرفا، أو خرج عن سياقه إلى سياقات اجتماعية وثقافية وأحيانا تجارية، وهذه الأخيرة هي التي تغذي عولمة وانتشار مناسبة مثل "الهالوين"، لأن السوق صنعت له منتجات وخدمات تصب في معظمها في خانة الترفيه والاحتفال، وهذا ربما سبب طلبات بعض الأطفال، وربما المراهقين، التي نلاحظها هذه الأيام.
هل هو تعاظم للتسامح؟ أو تعمق تلاقح بين الثقافات؟ أم أن الأمر لا يعدو كونه نجاحا في زيادة المستهلكين لمنتجات هذه المناسبة، أو زيادة مريدي الثقافة التي تمثلها؟
إنشرها