Author

تحسين جودة الهواء وصحة البيئة

|
صنعت جائحة فيروس كورونا المستجد منذ بداية عام 2020 عادات جديدة لدى كثير من الناس. وفي ظل اعتماد الأطفال على نظم التعلم عن بعد وعمل الكبار من المنزل، فمن المحتمل أن تكون نسبة ثاني أكسيد الكربون إلى الأكسجين الموجودة داخل المنازل مختلفة عما كانت عليه قبل الجائحة. وليس هناك شك في أن الزيادة في عدد الأشخاص داخل المنزل تؤثر في جودة الهواء الداخلي الذي يشغل فضاء المنزل. ومع وضع ذلك في الحسبان فمن المهم إيلاء بعض الاعتبار لجودة الهواء الذي نستنشقه نحن وعائلاتنا سواء أثناء انتشار هذه الجائحة أو في الأوقات اللاحقة.
وتحمل معادلة جودة الهواء الداخلي ما هو أكثر من مجرد التأكد من وجود أكسجين كاف داخل المنزل، حيث يمكن أن يعج المنزل بالملوثات التي تنتقل من مكان إلى آخر، ويمكن أن تؤدي هذه الملوثات إلى تفاعلات ينشأ عنها أمراض الحساسية وصعوبات التنفس. وقد تكون هناك مشكلات أخرى في الهواء الداخلي تمر دون أن يلاحظها أحد أيضا.
وفي الواقع هناك عديد من القرائن التي غالبا ما نغفل عنها وتشير إلى أن جودة الهواء الداخلي أقل من الجودة الأمثل. ورغم أغلبنا قد ينتبه إلى زيادة الغبار داخل المنزل أحيانا، فإننا لا نربط بين روائح الطعام العالقة أو أعراض الحساسية وبين ضعف جودة الهواء الداخلي. عند تقييم جودة الهواء الداخلي يجب على مالكي المنازل والمستأجرين النظر في مدى فاعلية مراوح التهوية في إزالة الروائح والدخان والرطوبة من المكان، فروائح الطعام العالقة والضباب المتكثف فوق المرايا والنوافذ وظهور العفن في بعض الأماكن كلها مؤشرات قوية على أن مراوح التهوية لا تقوم بعملها. وتعد مرشحات الهواء سواء الوحدات المستقلة منها أو تلك الموجودة داخل نظم التهوية في أفران الطهي أدوات مهمة في معركة ضمان نقاء الهواء الداخلي.
لقد دفعنا عصر التباعد الاجتماعي الحالي إلى قضاء مزيد من الوقت داخل المنازل، ويمكن أن يسهم كل نشاط منزلي، مثل أنشطة التنظيف والطهي في زيادة السموم في الهواء الداخلي، ثم يضاف إلى هذا المزيج الغبار والأوساخ ووبر الحيوانات الأليفة، واعتمادا على الأنشطة اليومية لكل أسرة وعدد الأشخاص داخل المنزل والمنتجات المستخدمة، فقد تتدنى جودة الهواء الداخلي لتصل إلى مستويات لا يتخيلها البعض. لذلك من الضروري أن نختار الأجهزة والمنتجات بعناية. والتلوث الكيميائي على سبيل المثال يمكن أن يكون كافيا لمفاقمة أمراض الجهاز التنفسي، ما يعني أن المنظفات شديدة القوة يمكن أن تصيبنا بالأمراض بالفعل أثناء محاولاتنا القضاء على الجراثيم، خاصة إذا تركت الأبخرة الناتجة عنها عالقة في فضاء المنزل مدة طويلة.
ومن الضروري أن نقوم بشكل دوري بغسل أو استبدال المرشحات الموجودة داخل أفران الطهي ومكيفات الهواء وأجهزة تنقية الهواء ومعالجة الشحوم التي تنصب فوق المواقد. إضافة إلى تنظيف المرشحات فإن وجود مراوح شفط عوادم فعالة أمر ضروري للحفاظ على جودة الهواء الداخلي، ولاختبار مراوح شفط العوادم يمكن تقريب شريط من نسيج من المروحة أثناء تشغيلها، حيث يجب أن يمتص الجهاز هذا الشريط إلى الداخل، فإذا لم يحدث ذلك يكون قد حان وقت استبداله. وكي تتأثر إيجابيا جودة الهواء في الحمام والمطبخ باستخدام مراوح شفط العوادم، يجب تشغيلها قبل الطهي أو الاستحمام وتركها تعمل لمدة عشر دقائق على الأقل بعد الانتهاء. وقد يصرخ فينا ضميرنا البيئي لإيقاف تشغيل المروحة، لكن تكون العفن والملوثات الأخرى لن يكون مقايضة جيدة نظير قليل من الطاقة التي سنستخدمها لتشغيل المروحة لفترة أطول قليلا.
وإذا كان المنزل يحتوي على رطوبة زائدة وانتشار روائح عفنة وتكون ضبابا فوق المرايا، فقد يكون الحل هو استخدام منتجات امتصاص الرطوبة، مثل الكريات متعددة الاستخدامات التي تصلح لامتصاص الرطوبة داخل السيارات الكبيرة أو المرأب أو خزانات الملابس. وهناك أيضا أجهزة إزالة الرطوبة التي يمكن اللجوء إليها عندما تكون مستويات الرطوبة عالية.
وفي حين قد نتفق جميعا على أن الغبار العالق يحدث منظرا قبيحا، فإنه يمثل أيضا بيئة خصبة لعث الغبار، لذلك يجب التأكد من مسح الغبار أو شفطه بالمكانس الكهربائية دوريا وتنظيف المفروشات في الماء الساخن بشكل متكرر للحد من المواد المسببة للحساسية.
ولاختبار جودة الهواء الداخلي يمكن شراء جهاز مراقبة جودة الهواء. ويمكن أيضا قياس جودة الهواء الداخلي بواسطة الشركات المختصة أو شراء جهاز استشعار المركبات العضوية المتطايرة أو جهاز قياس ثاني أكسيد الكربون لتسجيل قراءات الهواء الداخلي. فإذا أظهر أي مقياس لجودة الهواء الداخلي حاجة إلى تحسين الجودة، يتم فتح النوافذ وتشغيل المراوح لتدوير الهواء.
وهناك حاجة إلى قضاء بعض الوقت في تقييم البيئات الداخلية، ويجب أن نذكر هنا أن نشر النباتات داخل المنزل يعد طريقة أخرى لسحب الملوثات من الهواء بشكل طبيعي.
وفضلا عن أعمال الصيانة القياسية التي نقوم بها دوريا في منازلنا، يجب دائما اختبار المنازل خاصة القديمة منها بحثا عن الأسبستوس والمواد القذرة والدهانات التي تحتوي على الرصاص والمواد السامة الأخرى التي يمكن أن تكون كامنة ولا يلاحظها أحد.
إنشرها