الأشجار تعيش واقفة

من أجمل الوسوم، التي نطالعها هذه الأيام، وسم "لنجعلها خضراء"، وهو خاص بحملة تحمل اسم الوسم نفسه، أطلقتها وزارة البيئة والمياه والزراعة لتغطية 165 موقعا في جميع أنحاء البلاد، بالتعاون مع المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي بهدف الوصول إلى عشرة ملايين شجرة.
يتصاعد الوعي البيئي في السعودية، وجاءت "رؤية المملكة"، لتجعل البيئة ضمن أهم أهدافها، وهذه الحملة التي سيشارك الجميع فيها من القطاعين العام والخاص ستزيد من هذا الوعي، وستزيد من معدلات التشجير، لتصبح الشجرة الملائمة لبيئتنا جزءا من المنظر العام، والأهم جزءا من جودة الحياة التي نروم.
نشهد من حين لآخر، قصص نجاح تشجير تمت في بعض المناطق منذ أعوام، لتصبح اليوم شبه غابة فوق الرمال الصحراوية الذهبية، وهذا ما يبعث على الارتياح والتفاؤل. الشعوران اللذان تبعثهما الشجرة في النفس الإنسانية السوية، وسنرى أكثر طالما أصبح العمل مؤسسيا على مستوى المملكة وبإشراف الوزارة المختصة.
قبل نحو ثلاثة أعوام، كتبت عن مشروعين مهمين، لو تم تبنيهما لتغير شكل المدن السعودية تماما، هما تشجير محيط المسجد، ومحيط المدرسة وسقايتها بالاعتماد على المياه المعالجة التي تخرج منهما، مياه الغسيل تحديدا، ففي المسجد يتوضأ مئات البشر يوميا، وفي المدرسة يفعل الطلاب المثل، ولعل هذه الحملة تضع هاتين الفكرتين في حسبانها.
تشجير ما حول المساجد والمدارس يمكن عده مسألة تربوية، ستدخل ضمن دور المسجد في المجتمع، ودور المدرسة في التربية، ولعلها سانحة اليوم ونحن نستهدف عشرة ملايين شجرة أن ننفذ هذه الفكرة التي نادى بها كثيرون من قبل.
المسلم يبذل كثيرا في خدمة المسجد إذا استطاع، ينفق الغالي والثمين، ولدينا مساجد كادت أن تصل إلى حد البذخ والإسراف في تزيينها وتفخيم مبانيها وجدرانها، وسيكون أجدى تخصيص جزء من المبالغ لهذه الفكرة.
فلنتخيل أن فتيان الحي بعد أداء أحد الفروض، أو بعد أو قبل درسهم في حلقة تحفيظ القرآن، يكون لديهم 20 دقيقة لسقاية الأشجار أو تنظيف أحواضها بصحبة آبائهم، وبالمثل في المدرسة بصحبة معلميهم، ومعلماتهن في مدارس البنات، هذا الخيال الممكن تحقيقه سيأخذنا إلى مناطق أعلى في ثقيف الناشئة بيئيا، وفي ثقافة العمل، والإنتاج، وروح التطوع، ومبادئ خدمة المجتمع.
يتحدث السعوديون اليوم بواقعية بيئية، فهم يناقشون أقل الأشجار استهلاكا للماء، وأكثرها ظلا، وأفضلها في دوام اخضرارها، ولعلهم يغيرون المقولة الشهيرة "الأشجار تموت واقفة" إلى "الأشجار تعيش واقفة".

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي