Author

المسؤولية العامة

|
يتفق الجميع على أن للقطاع الحكومي حصانته المستمدة من كون الحكومة هي مجموع الأجهزة التنفيذية، التي تعنى بكل ما يهم الوطن والمواطن. بعمومية هذا التعريف، نال كثير من الجهات الحكومية الحقوق، التي تمكن من أداء الواجبات المطلوبة منها، ومن هذا التعريف؛ تنشأ بعض حالات الإفراط في استخدام الصلاحيات، أو تعريفها لدى كثير من موظفي القطاع العام، بل إن اللوثة تنتقل أحيانا لبعض مكونات القطاع الخاص، مع أن ذلك أدى في كثير من الحالات إلى خسائر مادية ومعنوية كبيرة للجميع.
قد تؤدي حالات الاحتكار للخدمات والمواد إلى حدوث مثل هذا الإفراط في تعريف العلاقة بين الجهة والمستفيدين من خدماتها، وهو أمر تحاربه أنظمة إدارة الأسواق، وتجرم من يحاول أن يتجاوز مفاهيم الممارسة التنافسية بعقوبات شديدة في أغلب دول العالم، ولدينا هيئة مخولة ومسؤولة عن ضمان تشجيع التنافسية، وفتح الأسواق على الرغم من وجود بعض الكيانات الاحتكارية في السوق، التي تحد من خطرها الدولة بالمشاركة في إدارتها من خلال الاستثمار، الذي قد لا يحقق مردودا عاليا، ولكنه سلوك يحمي المواطن، الذي يتعامل مع هكذا شركات.
بالمفهوم نفسه، عملت الدولة على إيجاد محاكم للفصل في المنازعات بين المواطنين والجهات الحكومية، ومع الوقت أصبحت هذه المحاكم ذات استقلالية وحصانة عالية، بل إن واحدا من أهم عناصر حماية المواطن، وضمان حقوقه، يتلخص في تكوين هيئات مستقلة للبحث في الشكاوى، التي تقدم حيال الممارسات المخالفة، ونحن نشاهد كثيرا من نتائج عمل هذه المؤسسات على أرض الواقع.
هنا نتوقف للتأكيد على أهمية أن يكون الفكر السائد في أي منظومة مركزا على الهدف الأساس من وجود تلك المنظومة، وهو تحقيق المصالح العامة، التي تتوخاها منها الدولة، وهو أمر لا بد أن يركز عليه كل مسؤول، وأن يتبناه في شعار منظومته، كون أي نجاح أو فشل مرتبطا جدا بالفهم السائد لدى كل من ينتمي للمنظومة، مهما اختلف مستوى علاقتها بالجمهور أو نوعية الخدمات، التي تقدمها.
شاهدنا حالات كثيرة، تحولت فيها مسارات كثير من الأجهزة الحكومية إلى المسار الصحيح بعد تبني المفاهيم المؤسسية والمبررة لوجود تلك الأجهزة، وتعزز متابعة الأجهزة الرقابية لنتائج تقاضي الجهات الحكومية مع الأفراد، وإلزام تلك الأجهزة بتنفيذ التزاماتها القانونية هذا المفهوم المهم.
إنشرها