Author

قيادة «العشرين» .. مبادرات للعالم

|


عانى العالم منذ مدة ليست بالقصيرة مشكلة عدم المساواة الاقتصادية، أو التفاوت الاقتصادي الذي يقوض التقدم والتنمية المستدامة، ذلك أنه يؤدي دوما إلى تفاقم الانقسامات الاجتماعية. وفي عام 1992، أصدر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي جدولا يبين الفجوة القائمة بين الأغنياء والفقراء، وبعد ما يزيد على ربع قرن، لا تزال حصة 20 في المائة من أفقر البشر أقل من 2 في المائة، بينما ارتفعت حصة 1 في المائة من البشر الأوفر حظا إلى 22 في المائة عام 2016.

لكن في الوقت الذي عملت فيه الأمم المتحدة على حل هذه الفجوة، واجه العالم كارثة من نوع مختلف مع انتشار جائحة كورونا، والعالم أجمع يعاني انكماشا اقتصاديا لم يشهده منذ أزمة الكساد العالمي، وأصبح كثير من الوظائف الهشة في مهب الريح، مع انتشار ظاهرة العمل عن بعد، وانحسار قطاع السياحة.

وفي هذا الوقت الصعب بالذات، فإن شعوب العالم تنظر إلى السعودية بوصفها بارقة أمل، لمزايا نسبية عدة حباها الله بها دون غيرها، فهي الدولة الداعية دوما إلى السلام والسلم الاجتماعي، مرتكزة في ذلك على تعاليم الإسلام السمحة، كما أنها المحرك الرئيس لإمدادات الطاقة، وترأس قمة "العشرين" في دورتها الحالية، وتعمل على إلهام العالم بثقافة السلام والتسامح، كشعار لرئاسة المملكة هذه المجموعة.

وتحقيقا لذلك، وضعت تمكين الإنسان هدفا رئيسا لمجموعة العشرين، خلال عام الرئاسة، وتعمل جاهدة على تحقيق ذلك، وبناء إطار للسياسات يؤدي إلى تمكين الإنسان وإيجاد الفرص الاقتصادية، حيث قال رئيس الفريق السعودي لمجموعة عمل الإطار، إن رئاسة المملكة مجموعة العشرين، عازمة على مواصلة العمل لتنسيق الجهود من أجل دعم الاقتصاد العالمي و"اغتنام فرص القرن الـ21 للجميع، وتعد قائمة خيارات السياسات لتعزيز الحصول على الفرص للجميع التي طورتها مجموعة عمل الإطار، أداة مهمة لدعم النمو الاقتصادي، وذلك بالتركيز على إتاحة الفرص للشباب والنساء".

هذا الإلهام من رئاسة مجموعة العشرين، قاد إلى تحقيق نتائج ملموسة، مع مصادقة وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية لقائمة مجموعة العشرين على خيارات سياسات تعزيز إتاحة الفرص للجميع. وخلال اجتماعهم في تموز (يوليو) من هذا العام، وهذه القائمة مبنية على مفهوم تقليص الفجوات الاقتصادية بين الطبقات، والاهتمام بالطفولة والصحة وتمكين المرأة ودعم مهارات الشباب لتحديات عالم الوظائف المرتبط بالرقمنة.

فالرئاسة السعودية للمجموعة، تعمل على تحقيق هذه القائمة من السياسات، كونها الطريق الصحيح لضمان الازدهار لجميع الناس، وتعزز تكافؤ الفرص، خاصة للفئات الأقل حظوة بالفرص، ودعم التوظيف في عالم عمل متغير يفرض فيه التقدم التكنولوجي المتسارع تغيرات عميقة في أنماط العمل، وأيضا يصنع فرصا مذهلة تسهم في رفع المستوى المعيشي للأفراد في جميع أنحاء العالم. لذا، لا بد من بذل جهد أكبر لتطوير قدرة الإنسان على التكيف مع هذه الأنماط الجديدة للعمل، وضمان الحماية الاجتماعية في الوقت نفسه.

كان مسار تمكين المرأة مسارا صعبا وطويلا في العالم أجمع، ولهذا فإن العمل على مواصلة الجهود وعدم تأثرها بالجائحة، يأتي في مقدمة اهتمامات إطار سياسات مجموعة العشرين، ذلك أن عمل المرأة أصبح جزءا لا يتجزأ من محركات التنمية المستدامة، ولا بد من المضي قدما في مواجهة تحديات تمكين المرأة، خاصة في التعليم وتنمية المهارات فهذا التوجه يحقق أهم مبادرات المجموعة في تمكين القدرات البشرية عموما، والنهوض بها من خلال الاهتمام بالتعليم بدءا من مرحلة الطفولة المبكرة.

هذه السياسات التي تشمل التعليم والطفولة المبكرة وتمكين المرأة، تأتي ضمن مجموعة السياسات لدعم الأفراد منذ الطفولة، كما أن هذه المجموعة من السياسات تشمل الاهتمام بالقطاع الصحي كأهم الممكنات لإنشاء اقتصاد مستقر ومزدهر، والمحافظة على رأس المال البشري.

وتأتي المجموعة الثانية من السياسات لتمكين الشباب وإتاحة الفرص للجميع، وهذا يتطلب عملا متواصلا لتحقيق الشمول المالي، وتعمل المملكة من خلال رئاسة المجموعة الدولية على تسخير تقنيات جديدة ومبتكرة لتمكين الفئات الأقل حظوة بالفرص من الوصول إلى الخدمات المالية، خصوصا النساء والشباب. إضافة إلى ذلك، يحقق الإطار فرصة العمل على مجموعة من السياسات التي تختم بالقطاعات الأكثر نموا والقادرة على إيجاد فرص العمل، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة، من خلال تطبيق حلول تقنية مبتكرة.

ومن الجدير بالذكر، أن هذه السياسات تعتمد على تحقيق تقارب وتكامل في التجارة والاستثمار بين دول العالم، لذا تعمل المملكة من خلال رئاستها على اعتماد سياسات مفتوحة وشفافة وداعمة، إضافة إلى نظام تجاري فاعل متعدد الأطراف، وقائم على قواعد تدعم جهود التجارة العالمية وتدفقات الاستثمار عبر الحدود وبناء القدرات الاستثمارية في الدول النامية والدول الأقل نموا.

إنشرها