Author

الثورة الصناعية الرابعة وبرامج التدريب التقني

|

أستاذ الطاقة الكهربائية ـ جامعة الملك سعود

[email protected]

حدد كلاوس شواب رئيس المنتدى الاقتصادي العالمي مصطلح الثورة الصناعية الرابعة في كتابه الشهير "الثورة الصناعية الرابعة" الصادر عام 2016، عندما رسمها على أنها ثورة رقمية تجعل من التقنية جزءا دقيقا من المجتمعات عن طريق دمج التقنيات مع بعضها وتمحو الخطوط الفاصلة بين المجالات المادية والبيولوجية والرقمية. تتميز الثورة الصناعية الرابعة باختراق التقنية الناشئة عددا من المجالات المختلفة لتطويرها بطرق متنوعة وأساليب مختلفة، مثل إنترنت الأشياء، والطباعة ثلاثية الأبعاد، والأجسام المتحركة "الروبوتات"، والذكاء الاصطناعي وغيرها. كما تشير الدراسات الحديثة المرتبطة بالتعليم والوظائف إلى ضرورة الالتحاق بالبرامج التقنية والمهنية، لمواكبة الثورة الصناعية الرابعة، التي ستحدث تغييرات واسعة في مختلف القطاعات مع أن ذلك سيؤدي إلى فقدان نحو 20 مليون شخص وظائفهم في دول عربية خلال الأعوام الخمسة المقبلة الأمر الذي سيجبر الملايين على البحث عن وظائف بديلة. إن التعليم والتدريب التقني والمهني هو السبيل لدول العالم المتقدم للتخلص من البطالة، وبناء وإعداد القدرات الوطنية والكفاءات المختصة في عالم الذكاء الاصطناعي والطاقة والبرمجيات والهندسة والفضاء ومجالات التقنية والبتروكيماويات وغيرها، ما يخدم مجالات التنمية المستدامة بما فيها الاقتصاد والمهارات، وتقودنا إلى ضرورة رسم القدرات والقيم والسلوك التي يحتاج إليها البشر لدعم التنمية المستدامة. إن نجاح المؤسسات في الثورة الصناعية الرابعة يعتمد بشكل أساس على المهارات والمعرفة، مثل تحليل البيانات، أو تصميم واجهات مستخدمين ومنصة بيانات، أو الابتكار الرقمي، أو تقنية معلومات حيوية أو إدارة إنترنت الأشياء وغيرها كثير من المهارات والمعارف التي تهدف بصورة أساسية نحو تنمية مستدامة سواء أكانت في مجالات الطاقة أم المياه أم التنمية المستدامة عموما.
ومن هنا يتعين أن تقوم برامج التعليم والتدريب التقني والمهني ببذل الجهود في إدراج هذه المهارات الرقمية في محتويات برامجها الأكاديمية، ما يسهم في إعداد الطلاب وتأهيلهم نحو العمل الصناعي المستدام. إن دور التعليم والتدريب التقني والمهني يكمن في دفع مسيرة التنمية المستدامة بارتباطه المباشر في تطوير العناصر البشرية الوطنية، التي تعد أهم عناصر الإنتاج لمواكبة متطلبات سوق العمل المتغيرة، ونتائج الثورة الصناعية الرابعة من أجل تمكين الفرد من اكتساب مهارات المستقبل، وتبني الأفكار الجديدة وتطبيقها من خلال وسائل تقنية المعلومات والاتصالات، إضافة إلى امتلاك القدرة على البحث والابتكار لتطوير العملية التعليمية. يقول مبارك سعيد الشامسي مدير عام مركز أبوظبي للتعليم والتدريب التقني والمهني: "إن التعليم التقني والمهني يسهم في بناء اقتصاد المعرفة التنافسية، وتأهيل وتدريب الكوادر الإماراتية في المجالات التقنية والمهنية، وتوطين الوظائف في القطاعات الحيوية، كما يتميز طلبة "أبوظبي التقني ومؤسساته" بتخطي العام الأول في كليات التقنية العليا، والقبول في أرقى الجامعات العالمية، بسبب المنظومة التعليمية التكنولوجية المتكاملة التي ينتهجها المركز لبناء قاعدة علمية في مرحلة عمرية مبكرة للطلبة المواطنين، لوضعهم على مسار الهندسة والتكنولوجيا". ويقول في سياق آخر: "المعلم مطالب بالسعي الدائم لتطوير قدراته المهنية، ليكون قادرا على التعامل مع ثورة المعلومات بفاعلية وتوظيف التكنولوجيا في التعليم بما يضمن تميز وتفوق الطلبة، وعلى الأهل العمل على اكتشاف مواهب الأبناء وتطويرها، وتوجيههم نحو آليات تحقيق أهدافهم بالطرق العلمية السليمة".
إنشرها