Author

رغم استمرار المخاطر .. الأسعار مرشحة للارتفاع

|
في الأسبوع الماضي انخفضت أسعار خام غرب تكساس الوسيط دون 40 دولارا للبرميل للمرة الأولى منذ حزيران (يونيو) مع تنامي مخاوف الطلب وانهيار أسواق الأسهم، لكن رغم ذلك يعتقد المحللون أن أسعار النفط ستحقق مكاسب متواضعة في المستقبل القريب، حيث يتوقعون عودة أسعار خام برنت القياسي إلى ما فوق 50 دولارا للبرميل لمعظم عام 2021. لكن لا يزال هناك عديد من المخاطر الهبوطية، وسيعتمد حجم أي ارتفاع في الأسعار على معدل السحب من المخزون ومدى التزام مجموعة "أوبك +" بالتخفيضات المتفق عليها.
تجدر الإشارة هنا إلى أن عديدا من أعضاء مجموعة "أوبك +" قدم خططا لإجراء تخفيضات إضافية في إنتاجهم النفطي لتعويض عدم التزامهم الكامل بالتخفيضات خلال الأشهر القليلة الأولى من الاتفاق. وبموجب اتفاقية "أوبك +" الأخيرة لخفض الإنتاج التي دخلت حيز التنفيذ في الأول من أيار (مايو)، كان من المفترض أن تخفض المجموعة الإنتاج إلى 7.7 مليون برميل في اليوم في آب (أغسطس) من 9.7 مليون برميل في اليوم في تموز (يوليو). لكن، إذا تم أخذ التخفيضات الإضافية لتعويض عدم التزام بعض الأعضاء والبالغة 1.15 مليون برميل في اليوم من الأول من آب (أغسطس) حتى 30 أيلول (سبتمبر)، فإن إجمالي تخفيضات "أوبك +" في هذين الشهرين سيصل إلى 8.85 مليون برميل في اليوم.
في الواقع، هناك كثير من عدم اليقين في توقعات المحللين بخصوص الأسعار - موجة ثانية من جائحة كورونا والانتخابات الرئاسية الأمريكية - يمكن أن ترسل توقعاتهم بعيدا عن المسار المرجح. لقد أظهر مسح لسبع جهات تمثل المصارف الاستثمارية، والمحللين والمؤسسات الاستشارية ثقة قوية بأن أسعار خام برنت ستصل إلى مستوى 50 دولارا للبرميل أوائل عام 2021.
لكن المسار من هناك أقل تأكيدا. يرى معظم المحللين أن أسعار خام برنت ستبقى تراوح بين نطاق 50 و55 دولارا للبرميل. يشير المحللون إلى أن التعافي في الطلب على النفط كان قويا وحادا، لكن عديد منهم يقولون، إنه الآن متعثر. ومنحنى أسعار برنت الآجل مسطح إلى حد ما، يتم تداول عقد الشهر الأول بمقدار 3.48 دولار للبرميل دون أسعار تداول كانون الأول (ديسمبر) 2021، وهو هيكل يعرف باسم الـ contango يحفز التخزين بدلا من البيع ومن غير المرجح أن يجتذب كثيرا من الاستثمار الإضافي، لا تزال أسعار خام برنت في كانون الثاني (ديسمبر) 2021 أقل من 50 دولارا.
وستحصل الأسعار على الدعم حيث تستمر السوق في السحب من المخزون، ما يؤدي إلى تآكل التراكمات الهائلة من النفط الخام والمنتجات المكررة. كما أن خفض الإنتاج الاختياري مثل اتفاق "أوبك +"، والاقتصادي، مثل ذلك الذي شوهد في تشكيلات النفط الصخري في الولايات المتحدة، يجب أن يساعد أيضا على تعزيز الأسعار. رغم أن معظم إنتاج النفط الصخري الذي توقف خلال فصل الربيع بسبب الأسعار المنخفضة قد تمت استعادته، لكن لا يزال هناك عدم يقين كبير في مسار إمدادات أمريكا الشمالية مع استمرار تداعيات جائحة كورونا والركود الاقتصادي.
بصورة عامة تعمل الشركات على الدفاع عن حصة المساهمين بدلا من حفر آبار جديدة. في نهاية المطاف وفقا لـ "جولدمان ساكس" يجب أن تؤدي خطط التعافي في القطاع الاستخراجي إلى نمو متواضع للإنتاج فقط لكن مزيد من العائد النقدي للمساهمين مع تعافي الأسعار ... على خلفية وفرة الموارد وتزايد مخاطر الطلب على المدى الطويل من سياسات تحول الطاقة، في الواقع، يرى بعض المحللين أن الإنتاج العالمي سينمو بأقل من مليوني برميل يوميا على مدار العام المقبل ويصل إلى 95.8 مليون برميل في اليوم في الربع الرابع، بزيادة 1.1 مليون برميل يوميا تقريبا عن بداية العام. ستساعد هذه الوتيرة البطيئة على إبقاء المخزونات تتراجع طوال العام رغم انتعاش الطلب المتواضع. حيث يستمر الطلب في التعافي تدريجيا بالقرب من 100 مليون برميل في اليوم بحلول نهاية العام المقبل. كما أن عاما آخر من تراجع الاستثمار في المشاريع الاستخراجية يمهد الطريق لزيادة مستمرة في الأسعار في عام 2022.
سيكون العامل الأساسي هو سلوك المصافي في هذا الجانب تقول شركات التكرير، إنها ستكون حذرة بشأن زيادة معدل تشغيل المصافي حتى تصل المخزونات إلى متوسط الخمسة أعوام، وهو تطور لا يتوقعون حدوثه حتى منتصف عام 2021. لكن التزام صناعة التكرير له تداعيات، فدون أن تشتري المصافي مزيدا من النفط الخام، من المرجح أن يذهب إنتاج النفط الفائض إلى التخزين بدلا من المعالجة. وإذا رفعت المصافي معدل التشغيل في الوقت غير المناسب، فإنها تخاطر بإغراق السوق بمنتج أكثر مما هو ضروري، ما يعيد إنشاء السيناريو الحالي وهو ضعف هوامش التكرير.
من جهة أخرى، عودة ظهور جائحة كورونا يمكن أن تعرقل أي تعاف تماما. لقد كان للجائحة تأثير مدمر في كل من الطلب والأسعار في وقت سابق من هذا العام، مع احتمال حدوث آثار دائمة طويلة الأجل. موجة أخرى من الفيروس من شأنها أن تدمر الاستهلاك مرة أخرى وتؤدي إلى تقلب الأسعار. ستكون تأثيرات الطلب فورية، وستتأخر استجابة العرض. هذا يعني مرة أخرى تراكم المخزون والضغط على الأسعار. يعتقد بالفعل أن الوباء قد أدى إلى تسريع انتقال نظام الطاقة العالمي إلى مصادر الطاقة منخفضة الكربون بعيدا عن الوقود الأحفوري، ويمكن أن تلحق الموجة الثانية للوباء مزيدا من الضرر بمستقبل النفط.
على نطاق أوسع، قد تحرم جائحة كورونا بعض التطورات الأخرى من اتجاهها الصعودي المعتاد، ولا سيما ضعف الدولار. في هذا الجانب، قال بعض المحللين: إن المحصلة النهائية هي أن العلاقة بين الطلب ومرونة الأسعار قد ضعفت في البيئة الحالية، لأن النفط بالفعل رخيص ومتوافر بسهولة وهناك حاليا ندرة في المشترين.

إنشرها