default Author

ظل الشجرة القاتل

|
نعشق الخضرة ونتمنى أن تحيط بنا الأشجار من كل جانب. ومن ينظر إلى الرياض اليوم يلاحظ حملة تشجير واسعة ننتظر ظلها في الصيف المقبل، فالأشجار إضافة إلى ظلها تمنحنا عصب الحياة الأكسجين الذي لو فقدته لدقائق تعرض دماغك للتلف أو الوفاة، لكن هناك أشجار تتمنى لو أنها لم توجد رغم الخدمات الجليلة التي تقدمها للبيئة، إلا أنها قد تفقدك حياتك!
منها "شجرة المنشينيل" التي أطلق عليها الإسبان لقب "لا مانزانيلا دي لا مويرتي" أو "تفاحة الموت الصغيرة". شجرة طويلة مورقة تحمل أغصانها ثمرة تشبه التفاح الأخضر الصغير تغريك لتتناولها، حتى إن طعمها حلو المذاق ولذيذة، لكن في لحظات يتحول إلى سم قاتل يحرق فمك كأشد أنواع الفلفل حرارة، والغريب في هذه الشجرة أن كل أجزائها سامة من الساق إلى الورق، فالنسغ الموجود في خشبها وأوراقها يمكن أن يسبب العمى والتقرحات وثمارها تحدث دمامل بالفم والحلق، إضافة إلى تلف معوي شديد يمكن أن يؤدي في النهاية إلى الموت. حتى الاقتراب منها دون لمسها أو أكل ثمارها قد يسبب لك حساسية الجلد وتورمات. صنفتها موسوعة جينيس للأرقام القياسية، على أنها أخطر شجرة في العالم، فكل جزء من شجرة مانشينيل سام!
خطورتها تكمن في احتوائها على عديد من المواد السامة، أسوأها على الأرجح مادة "الفوربول"، تركيبته الكيميائية مشابهة لبعض المركبات الموجودة في أجسامنا، فالفوربولات تحاكي عمل الدجليسيريد وهو جزيء دهني يستخدمه الجسم بطرق عديدة منها تنشيط إنزيم يسمى بروتين كينيز الذي يؤدي دورا مهما في تنظيم بعض العمليات في الجسم مثل، نمو الخلايا والتمثيل الغذائي وتنشيط الأورام السرطانية، رغم أنه غير مسرطن بذاته. لذلك عندما يزيد الفوربول من تنشيط عمل أنزيم البروتين كينيز، سيضطرب عمل الخلايا والجينات المصابة ما يؤدي إلى مجموعة من التأثيرات الخطيرة، مثل الالتهابات والتقرحات الخلوية وتنشيط النمو السرطاني.
والفوربول موجود في كل أجزاء الشجرة ولهذا لا يجب أن تلمس أي جزء منها، كما أنه قابل للذوبان في الماء، لذا عليك الابتعاد عن شجرة المانشينيل بمسافة لا تقل عن عشرة أمتار سواء أثناء نزول المطر أو عدمه، رغم ما تقدمه للبيئة من فوائد وحماية السواحل من الرياح العاتية والأمواج المدمرة بفضل جذورها العميقة وفروعها السميكة!
الوحيد القادر على تحمل أذاها سحالي الإجوانا السوداء ذات الذيل الشوكي التي تعيش في هذه الأشجار، ستتساءل عن السبب! كيف ذلك؟ يبقى الأمر لغزا إلى حين اكتشافه. فسبحان الخلاق العظيم.
إنشرها