الاستفادة من قوة الهوية الرقمية «2 من 2»
مع تقدم الرقمنة تمر المواقف تجاه حماية البيانات بتحول عميق، فاختراق البيانات وإساءة استخدامها تجعل الناس على وعي أكبر بالتهديدات التي تتعرض لها خصوصيتهم. وتمنح القواعد واللوائح الجديدة المواطنين قدرا أكبر من التمثيل بشأن بياناتهم الشخصية، وتهدف النماذج غير المركزية الجديدة على الإنترنت إلى تحويل السلطة من الغير إلى المستخدم. ويمكن أن تؤدي أنظمة الهوية الرقمية سيئة التخطيط إلى إيجاد أو تفاقم المخاطر التي تتعرض لها البيانات الشخصية، لكن مع دقة التصميم، يمكن للأنظمة أن تعزز الاستخدام المسؤول وإعادة استخدام البيانات من خلال تمكين الأشخاص من ممارسة الرقابة.
يجب أيضا تصميم أنظمة الهوية الرقمية مع وضع التضمين والثقة في الحسبان. ولا يعني الإدماج ضمان إمكانية التسجيل للجميع فحسب، بل يعني أيضا أن يتمكن كل فرد من استخدام هويته الرقمية لتلقي المساعدة وتمكين نفسه اقتصاديا، بما في ذلك أولئك الذين يعانون تدني مستوى الإلمام بالقراءة والكتابة ومحدودية فرص الوصول إلى التكنولوجيا. ومن الأهمية بمكان أن يثق الناس في سلامة النظام، بما في ذلك قدرته على الحفاظ على الخصوصية والحقوق الفردية. وهذا يتطلب وجود آليات فعالة للشفافية والمساءلة.
ولا تعزز نظم الهوية الرقمية الجيدة قدرة الحكومات والشركات على العمل فحسب، بل تستفيد من المواطنين وتحميهم أيضا. وثمة مجموعة متنوعة من النماذج تجسد السياقات المحلية. ففي حين أن بعض الدول تحتاج إلى البدء بنظام الهوية التأسيسية كي يتمكن الجميع من إثبات هويتهم الرسمية، فإن دولا أخرى، مثل أستراليا وكندا وفرنسا، بدأت في إنشاء نظم إيكولوجية رقمية للهوية تمنح الناس خيار مقدمي بطاقات الهوية من القطاعين العام والخاص.
وأيا كان الشكل الذي تتخذه هذه النظم، فإن هناك حاجة ماسة إليها. فلا يزال مليار شخص في جميع أنحاء العالم لا يملكون بطاقة هوية رسمية، ما يحول دون وصولهم إلى النظم المالية والخدمات الاجتماعية. ونصف هؤلاء في إفريقيا. ومن خلال مبادرة تحديد الهوية من أجل التنمية، يستثمر البنك الدولي 1.2 مليار دولار في أكثر من 30 بلدا ناميا للحد من عدد الأشخاص غير المسجلين، ولبناء نظم أفضل للهوية الرقمية والتسجيل المتدني يمكن أن تسهم في النمو الاقتصادي الشامل.
وقد أبرزت جائحة كورونا الحاجة الملحة إلى نظم الهوية الرقمية التي من شأنها أن تسمح للحكومات بتقديم المساعدة الاجتماعية والدعم المالي للأسر والشركات بشكل أسرع وأكثر خضوعا للمساءلة. ومن أجل مواصلة البحث عن حلول مبتكرة، أطلقت مبادرة ID4D أخيرا التحدي الثاني Mission Billion Challenge وهي دعوة عالمية لإيجاد طرق جديدة لتمكين أكثر الناس عرضة للخطر في العالم من التسجيل للحصول على بطاقات الهوية الرقمية واستخدامها بأمان.
بينما تركز الدول على إعادة البناء على نحو أفضل بعد انتشار الجائحة، فإن لديها فرصة حاسمة للقفز إلى اقتصاد رقمي بدرجة أعلى والقيام بذلك بشكل يتسم بالمسؤولية. وأيا كان النموذج الذي تختاره، يمكن للحكومات أن تغير حياة الناس في كل مكان من خلال بناء أنظمة للهوية الرقمية تستهدف تحقيق أقصى قدر من الخصوصية والشمول والثقة.