الذكاء الصوتي

صوتك جزء منك، نبرته، عمقه، نغماته، همهماته حتى تلك الأصوات التي تصدر رغما عنا كردة فعل لحدث ما مثل شهقة فرح أو صرخة حزن. فكما للجسد لغة فلصوتك شخصية، قد يشعر بها بعض من حولك ما يدفعك إلى إخفاء انفعالاتك عن طريق تغيير نبرة صوتك، لكن صوتك قد يخذلك ويظهر حقيقتك. كلمات قليلة تخرج من بين شفتيك تكشف الكثير والمثير عنك.
في تطبيق حديث حاول من خلاله الباحثون النفاذ إلى داخلك لمعرفة حالتك النفسية وانفعالاتك وحزنك وسعادتك ورضاك باستخدام برنامج يجري فلترة للصوت البشري، ويملك ستة آلاف معيار لتقييم صوتك كدرجة ارتفاع النبرة أو لونها. تم تجريب البرنامج في أحد مراكز الاتصال، بحيث يحللون صوتك أثناء الاتصال ويظهر مؤشر يبين حالتك الانفعالية ومدى رضاك عما يقدم لك، وهذه التقنية قد تستخدم وسيلة للتسويق التجاري، لأنه كلما كان الزبون راضيا عاد إليك، لكن هل هي وسيلة مساعدة أم مراقبة؟.
تحذر كوزيلينا أستاذة الأخلاق الرقمية من السماح للشركات باستخدام هذه التقنية بقولها، "أصواتنا تفشي كثيرا عنا مثل الحالة المعنوية أو الصحة والمرض، وهذه بيانات حساسة لا يجب على الشركات مسها".
هذا بخصوص الصوت الذي تحدثه بإرادتك، فماذا عن الأصوات اللاإرادية التي نصدرها عندما نعبر عن الصدمة والغبطة والخوف؟
لقد وجد العلماء أيضا أنها تكشف كثيرا عما نشعر به في الواقع. لذا قاموا بتصميم خريطة صوتية تفاعلية تعرض أكثر من ألفي صوت لنحو 24 من المشاعر المختلفة، مثل الخوف والصدمة "الإيجابية والسلبية" والإحراج والغبطة والنشوة.
وتعرض النتائج بصوت واضح على الخريطة، يسمح لك بتحريك المؤشر عبرها وسماع الأصوات المختلفة. ووجدوا أن هناك آلاف الأصوات المختلفة لأنواع متنوعة من المشاعر تبلغ ضعف عدد المشاعر البشرية.
لقد وجدوا أن صوتك يحمل خليطا من المشاعر فمثلا، تبين أن صوت النشوة هو مزيج من 25 في المائة من الرضا + 25 في المائة من النشوة + 17 في المائة من خيبة الأمل + 8 في المائة من الرغبة + 8 في المائة من الذنب + 8 في المائة من التحليل.
واستخدم البشر مثل هذه الأصوات لملايين الأعوام، لأنها طريقة سريعة وبسيطة للتعبير عن المشاعر، التي يمكن أن يفهمها الآخرون بسهولة، حتى أولئك الذين لا يتحدثون اللغة نفسها. من هنا يتضح أن الأصوات سواء الإرادية أو اللاإرادية أقوى من أي أداة أخرى قد نستخدمها للتعبير عن مشاعرنا أكثر بكثير مما كنا نعتقد، بل قد تكون هذه الخريطة فتحا جديدا للممارسين الصحيين لمعرفة كيفية التعامل مع مرضى التوحد والخرف والزهايمر من أناتهم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي