الحسم التجاري الأوروبي الأمريكي

إنها المعادلة التقليدية المعروفة، ارفع السقف قدر ما تستطيع، للحصول على صفقة عالية الجودة، أو مرضية لك، أو قابلة للعمل على المدى المتوسط على الأقل. يحدث هذا في كل ميدان تقريباً، والتجاري من هذه الميادين هو الأكثر استئثاراً بها.

لماذا؟ لأن معايير السوق، هي الأساس كل مفاوضات أو تفاهمات تجارية. الاتحاد الأوروبي "رفع العصا" استعداداً للمفاوضات مع الولايات المتحدة، التي يصر رئيسها دونالد ترمب على أنه سيواصل العمل، لإزالة "الظلم التجاري" عن بلاده، بحسب اعتقاده. وهذه "العصا"، ما رفعها الأوروبيون، إلا بعد أن إعلان واشنطن أنه ستضاعف الرسوم الجمركية على واردات الصلب إلى 50%. لماذا هذا الغضب الأوروبي؟ لأن الولايات المتحدة تعد ثاني أكبر مستورد للصلب الأوروبي، بينما يصل إجمالي صادرات القارة العجوز للسوق الأمريكية 532 مليار دولار سنوياً.

الحسم التجاري بين ضفتي الأطلسي بات قريباً، مع اقتراب نهاية التعسين يوماً التي حددها البيت الأبيض لتجميد العمل بالتعريفات الجمركية الإضافية، والاتفاقات الأخيرة الكبيرة التي تمت بين الأوروبيين والبريطانيين، كانت بمنزلة إشارة للجانب الأمريكي، بأن الدول المتخاصمة تجارياً مع واشنطن بفعل التعريفات، ستجد بسرعة أرضيات صلبة للعمل المشترك.

الأوروبيون، باتوا يعملون بقوة على كل الجبهات، لأن الوقت ليس طويلاً، إلى درجة أنهم مستعدون لفتح قنوات لتفاهمات عميقة حتى مع المنافس الأكبر لهم وهو الصين، دون أن ننسى، أن هذه الأخيرة فتحت مثل هذه القنوات مع اليابان وكوريا الجنوبية، الدولتان اللتان تنظران بعين الشك والريبة تجاه بكين.

ليس واضحاً أن الـ 50 % على الصلب الأوروبي ستقوض الحل التفاوضي، لأن الإدارة الأمريكية مستعدة للتفاهم حتى حول هذا الأمر.

لا تنفع التدابير المضادة في الوقت الراهن.

فالنقطة الأهم تنحصر في الحلول التي بات العالم (وليس الطرفين فقط) ينتظرها. ما ينفع حقاً، تحرك المفوضية الأوروبية الراهن، على صعيد كبرى شركات الاتحاد الأوروبي، لمعرفة مخططاتها في السوق الأمريكية في السنوات الـ5 المقبلة. هذا يعني أن بروكسل تفاوض على المدى البعيد، في الوقت الذي عرضت فيه اتفاقاً بإلغاء الرسوم على السلع الصناعية بين الطرفين، وتعهدت بزيادة مشترياتها من الغاز الطبيعي وفول الصويا والسلاح.

إنها مفاوضات شاقة بالفعل، لكن حسمها بأسرع وقت بات ضرورياً، ولن ينقذ هذه المفاوضات سوى التنازلات من الجانبين. واشنطن وبروكسل تعرفان تماماً، أن حرباً تجارياً بينهما، تعني ستصل شراراتها إلى العالم أجمع.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي