Author

هل حان الوقت لتأسيس هيئة صحية؟

|

اقتصادي في السياسات الاقتصادية وإدارة استراتيجيات الأعمال والشراكات الاستراتيجية.

تزخر المملكة بقدرات اقتصادية وبشرية لا يستهان بها في المجال الصحي، التي تبشر بتوفير فرص عمل واسعة في جميع قطاعات المنظومة الصحية المدنية والعسكرية. ولا أعتقد أن هناك فترة أكثر أهمية من الفترة الحالية للتركيز على إمكانيات الصحة وإعادة تنظيمها، وفق أسس تشريعية واقتصادية معا.
تشكلت منظومة الصحة السعودية عبر عقود من الزمن منذ تأسيس وزارة الصحة 1950، وظلت تنمو عبر الإنفاق الرأسمالي الضخم، حتى أصبحت منظومة الصحة الوطنية تنافس أفضل الدول صحيا. ولعل أزمة كورونا كشفت لنا مدى تطور أصولنا البشرية والصحية، ويبدو أن هذا النجاح يحتاج إلى تحول هيكلي يدار وفق منهجية أكثر سرعة ومرونة.
يعد التطوير أمرا بديهيا لدينا في السعودية، بعد التقدم الذي أحرزه مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية منذ تأسيسه في إعادة تشكيل هيكل المؤسسات الحكومية ومجالسها المتفرقة، وفي السياق نفسه المرحلة الحالية بحاجة إلى إعادة تعريف عبر تطوير الصحة، من حيث مواصلة نمو الأصول الصحية والبشرية، وأعتقد أننا تقدمنا كثيرا في هذا الجانب، إلا أننا لا نزال بحاجة إلى تطوير الجوانب التشريعية والتنظيمية واقتصاديات الصحة، عبر هيئة حكومية تجمع شتات التنظيم الصحي الذي يتفرق بين هيئات ومجالس.
لذا؛ فإن واقع الحال لدينا يتطلب أن يتم إجراء إصلاحات عميقة في هيكلة الصحة، عبر تأسيس هيئة صحية تحت اسم "هيئة الصحة"، لتؤدي دور الرقابة والتنظيم والتشريع وتنمية اقتصاديات الصحة الاستثمارية، ومعالجة اختلال الشركات التأمينية وغيرها من ضعف القطاع الصحي غير الحكومي، عبر دمج المركز السعودي لاعتماد المنشآت الصحية "سباهي" ومجلسي الضمان الصحي والمجلس الصحي السعودي، إضافة إلى الهيئة السعودية للتخصصات الصحية، مع تأسيس لجنة قضائية طبية مستقلة عن الهيئة الصحية، للنظر في الأخطاء الطبية بدلا عن الهيئة الصحية الشرعية الحالية، لينسجم الهيكل الكلي من حيث التخصصات والتسميات وصلابة الأسس التشريعية والتنظيمية والاقتصادية، كما أن الهيئة المقترحة ستؤدي دورا جوهريا في تخفيف العبء التنظيمي على وزارة الصحة، والوصول الى مستوى عال من الرشاقة المؤسسية التي تسرع من تطوير قطاع الصحة الوطني.
يعكف جميع الجهات الصحية على بذل الجهود للتقدم، إلا أن تلك الجهود تتطلب تركيزا نوعيا من خلال خريطة استراتيجية واحدة وتحت مظلة هيئة صحية واحدة، تجمع الشتات التنظيمي والتشريعي والاقتصادي والاستثماري وفق قوة تنظيمية غير مشتتة أو متعارضة، وبالتالي توفير الحوافز السليمة للجميع للتقدم نحو الأمام في الصحة.
وأخيرا، فإن الأداء الصحي الحالي معتمد في الدرجة الأولى على حسن التوجيه الوزاري من الدكتور توفيق الربيعة وزير الصحة، كما أن الفرصة سانحة لعمل تحولات كبرى للتحول المؤسسي الرشيق، وعلينا استغلال قوة الأداء التي يتمتع بها الوزير الحالي، لتحسين - على الأقل - نظام التأمين الصحي الضعيف هيكليا.
إنشرها