default Author

حزب الشاي

|

كوب الشاي أو بيالة الشاهي، كما يحلو لنا أن نسميه، يمنح وجبة الإفطار طعمها المميز، وجلسات المساء رونقها، مع لمة الأهل والأصدقاء والأحاديث المتناثرة هنا وهناك، عن ذكريات الماضي وطموحات المستقبل، في دائرة السعادة، يتوسطها إبريق الشاهي.
وأنت تحتسي الشاي وتتلذذ بطعمه، قد تخطر في بالك بريطانيا وتقديسها للشاي، وتحديدها وقتا رسميا لشربه يوميا، لكن الواقع يقول، إن الأمريكان هم من يحق لهم أن يحتفوا به.
قد لا تعرف ماذا فعل الشاي بهم وبالعالم أجمع، فهو ليس مجرد مشروب لذيذ، إنما له تاريخ مع الشعوب، فقد كاد أن يدمر الصين ويقضي عليها، ومن جهة أخرى كان سببا في وجود أمريكا اليوم، التي كانت مستعمرة بريطانية.
بعد أن اكتشف الشاي في الصين وانتقل إلى الأوروبيين عن طريق الهولنديين، حيث كانوا يستخدمونه كعلاج لتنشيط الجسم وتنقية الطحال، ويعود الفضل في ترسيخ شربه كعادة إنجليزية يومية إلى الأميرة كاثرين أوف براجانزا ابنة ملك البرتغال، التي تزوجت من ملك إنجلترا آنذاك تشارلز الثاني، فقد جلبت معها أوراق الشاي ضمن جهازها كعروس، ولم تتوقف عن تناوله يوميا، حتى انتشر استخدامه بين العامة وأصبح نديم تجمعاتهم.
في عام 1773 حين كانت أمريكا تقبع تحت الاستعمار البريطاني فرضت بريطانيا ضرائب على الشاي، ذلك المشروب السحري الذي راج استخدامه في كل دول العالم نتيجة للنفوذ البريطاني، وازدهرت تجارته، وفرضت بريطانيا الضرائب المرتفعة غير المقيدة على الشاي، لإنقاذ شركة الهند الشرقية الموردة للشاي من الإفلاس، ما أثار غضب التجار وسكان المستعمرات الأمريكية، فثارت الولايات الأمريكية الـ13 ضده، وقاطعت الشاي البريطاني ما عدا بوسطن، ما دفع مجموعة من المواطنين إلى التنكر في زي هنود بقيادة صاموائيل آدامز، والتسلل إلى السفن البريطانية الراسية في الميناء، وإلقاء صناديق الشاي في الماء، فيما عرف لاحقا بـ"حفلة شاي بوسطن"، لم يكن الهدف منها خفض الضرائب فقط، بل كان صاموائيل يطمح إلى الانفصال التام عن بريطانيا، وكنتيجة لهذه الحادثة فرضت إنجلترا أكثر القوانين قهرا في تاريخ أمريكا، ما صعد الأمور بين الدولتين، وانطلقت منها شرارة حرب الاستقلال، التي هزم فيها البريطانيون في يورك تاون، واستقلت أمريكا بعد حفلة الشاي بثلاثة أعوام، لتهيمن على العالم. عادت حركة حزب الشاي إلى الظهور في عهد أوباما، للمطالبة بخفض الضرائب وتقليل الديون القومية وعجز الموازنة، والطريف أنه في عام 2010 أعلن تشكيل "حزب القهوة" كحركة سياسية شعبية، لمواجهة فكر "حزب الشاي".
إنشرها