فضلات الدماغ

لجسم الإنسان شبكة صرف متكاملة تخلصه من الفضلات - أعزكم الله - وتنقي جسمه من السموم، ما عدا المخ، ظل العلماء أعواما طويلة يبحثون عن كيفية تخلص الدماغ من نفاياته التي تعادل سنويا وزنه، أي نحو 1400جرام، كي يستطيع الإنسان العيش بصحة وسلامة عقلية، لكنهم لا يعلمون الكيفية، خصوصا أن المخ هو الجزء الوحيد في الجسم الذي لا يملك مهارة إيصال مخلفاته إلى أعضاء أخرى في الجسم متخصصة بالتخلص من النفايات، مثل الكبد والكلى!
فهل يعقل أن هذا الجزء المهم من جسم الإنسان، المصمم من أجل أن يؤدي أعمالا عظام، ومهام جسام، مثل إنتاج الأفكار واتخاذ القرارات، عاجز عن امتلاك نظام ذي كفاءة للتخلص من نفاياته. هذا السؤال حير العلماء أعواما، ليكتشفوا حديثا كيفية تخلص الدماغ من نفاياته، فالدماغ على صغر حجمه - إذ يشكل 2 في المائة من متوسط وزن جسم الإنسان "1.4 كيلو جرام" - يستهلك نحو ربع طاقة الجسم كلها للقيام بمهامه، لذا لا بد له من طريقة للتخلص من نواتج استهلاك هذا الكم الهائل من الطاقة، الذي تتولد عنه نفايات وفضلات سامة ومخلفات حيوية يؤدي تراكمها إلى خلل في وظائف الدماغ الرئيسة، فينتج عنها الأمراض العقلية والعصبية، ومن أهمها مرض ألزهايمر، الذي قد يكون تراكم المخلفات، مثل البروتين في المخ، أحد أسبابه.
إن كتل البروتين المتراكمة داخل خلايا المخ، تكون في الأغلب مصاحبة لاضطرابات الأعصاب وتعرقل إرسال الإشارات الكهربائية والكيماوية من وإلى المخ، وتتسبب في ضرر لا يمكن إصلاحه. وأكبر دليل على ضررها، أن زيادة إنتاج البروتينات في مخ حيوانات التجارب، أدى إلى إصابتها بالأمراض، مثل ألزهايمر والشلل الرعاش وأمراض الأعصاب التنكسية الأخرى، التي تحدث مع تقدم العمر!
لقد توصل العلماء أخيرا إلى اكتشاف مذهل، وهو وجود قنوات وممرات تشبه الأوعية اللمفاوية، لكنها خاصة بالمخ والحبل الشوكي، أطلقوا عليها اسم "الجهاز الجليمفاوي"، مهمته تخليص الجهاز العصبي من الفضلات، والعجيب أنه يبلغ أوج نشاطه أثناء النوم، إذ لا تقتصر مهمة النوم على تجديد النشاط، بل تتعداه إلى تنظيف الدماغ!
من الملاحظ أن مرضى ألزهايمر - مثلا - يعانون اضطرابات النوم مدة طويلة قبل إصابتهم بالخرف، فقلة النوم، والنوم المتقطع، يعرضان حتى الأصحاء وصغار السن إلى أعراض تشبه المرض العصبي أو العقلي، منها قلة التركيز، وفقدان الذاكرة المؤقت، والإرهاق، والعصبية، والتقلبات الشعورية والهلوسة، بل قد يؤدي الحرمان من النوم إلى الوفاة نتيجة تراكم الفضلات!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي