Author

لا عزاء للدوحة

|

نتيجة تماديها في نقض وعودها ونكث عهودها اتخذت الدول العربية الرباعية، المكونة من المملكة والإمارات والبحرين ومصر، قرارا حاسما في الخامس من حزيران (يونيو) 2017 بقطع علاقاتهم الدبلوماسية مع قطر لأسباب أمنية. ومنذ ذلك الوقت لجأت الدوحة إلى رفع سلسلة من الدعاوى والشكاوى الكيدية في المحافل الدولية، متهمة الدول الرباعية بمحاصرة قطر والإخلال بالتزاماتها الدولية.
كان من ضمن هذه الشكاوى اتهام المملكة زورا وبهتانا بأنها تعدت على حقوق الملكية الفكرية القطرية، التي أسقطتها في الأسبوع الماضي هيئة حسم المنازعات التابعة لمنظمة التجارة العالمية. وجاء هذا الحكم القضائي ليضاف إلى فشل الدوحة في دعاواها الكيدية الأخرى، وتأكيدا على صحة موقف الدول الرباعية في استخدام حقوقها السيادية للمحافظة على أمنها الوطني، في ظل عدم احترام الدوحة اتفاقاتها الأمنية الواردة ضمن المبادئ والتشريعات القانونية الإقليمية والدولية التالية:
أولا: مبدأ الحق السيادي، المنصوص عليه في المادة الـ 38 من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية، الصادر عام 1945 الذي يعد جزءا متمما لميثاق الأمم المتحدة، ويوضح المبادئ التي تحكم علاقات الدول ببعضها، حيث نصت الفقرة الأولى من المادة الثانية على الآتي: "تقوم هيئة الأمم المتحدة على مبدأ المساواة في السيادة بين جميع أعضائها، لتكون ولاية الدول في حدود إقليمها ولاية انفرادية ومطلقة". كما أكدت هذه المادة أن: "احترام السيادة الإقليمية بين الدول المستقلة يعد أساسا جوهريا من أسس العلاقات الدولية". لذا فإن للدول العربية الرباعية مطلق الحق في التصرف في حدودها السياسية بما يضمن الحفاظ على أمنها واستقرارها وسيادتها. وهذا ما أكدته أيضا المادة 45 من اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية المبرمة بين الدول عام 1961.
ثانيا: مبدأ حق الدول في اتخاذ الإجراءات اللازمة للمحافظة على أمنها القومي، المنصوص عليه في المادة الـ 73 من اتفاقية حماية حقوق الملكية الفكرية، والمادة الـ 21 من اتفاقية الجات، الخاصة بقطاع السلع في منظمة التجارة العالمية، المبرمة عام 1995، التي أكدت أنه: "ليس في هذه الاتفاقية ما يفسر على أنه يمنع أي من الدول الأعضاء من اتخاذ أي إجراء في سياق القيام بالتزاماتها بموجب ميثاق الأمم المتحدة للحفاظ على السلم والأمن الدوليين". ونظرا لأن قطر تقوم بتمويل منابع الإرهاب ودعم منظماته واحتضانها، فلقد استحقت حكما قيام الدول الرباعية بمقاطعتها لإنفاذ التدابير الضرورية اللازمة لحماية مصالحها الأمنية الأساسية ولصون سلامة مواطنيها وأراضيها.
ثالثا: مبدأ منع تحليق الطائرات القطرية فوق أراضي الدول الرباعية، الذي أقرته المادة التاسعة من اتفاقية شيكاغو للطيران المدني وتعديلاتها المبرمة عام 1944، حيث أكدت الفقرة (أ) أن: "لكل دولة متعاقدة الحق في أن تقيد أو تمنع بصفة موحدة جميع طائرات الدول الأخرى من الطيران فوق مناطق معينة من إقليمها وذلك لأسباب تتعلق بضرورات حربية أو بالأمن العام". كما أكدت الفقرة (ب) من الاتفاقية احتفاظ كل دولة متعاقدة بحقها في: "أن تقيد أو تمنع مؤقتا وفورا الطيران فوق إقليمها أو جزء منه وذلك بسبب ظروف استثنائية أو أثناء أزمة أو لأسباب تتعلق بالأمن العام".
رابعا: مبدأ التعاون الأمني بين الدول الأعضاء في الاتحاد الجمركي الخليجي، الوارد في الاتفاقية الأمنية الموحدة لدول مجلس التعاون، الموقعة في مدينة الرياض بتاريخ 13 كانون الأول (ديسمبر) 2012، والمعتمدة خلال أعمال الدورة الـ 33 لقمة مجلس التعاون الخليجي، المنعقدة في مملكة البحرين خلال الفترة من 24 - 25 كانون الأول (ديسمبر) 2012. ولقد أخلت قطر بالمادة الثانية من هذه الاتفاقية التي تنادي بضرورة: "التعاون بين الدول الخليجية لملاحقة الخارجين على القانون أو النظام، أو المطلوبين من الدول الأطراف، أيا كانت جنسياتهم"، إلى جانب إخلال قطر بالمادة الثالثة من الاتفاقية التي تطالب كل دولة خليجية: "باتخاذ الإجراءات القانونية عند تدخل مواطنيها أو المقيمين بها في الشؤون الداخلية لأي من الدول الخليجية الأخرى". وحيث إن قطر أصبحت ملاذا آمنا للجماعات الإرهابية والأحزاب المارقة ورموز الأفكار المضللة، ونظرا لتدخلها في الشؤون الداخلية للدول الأخرى مخالفة بذلك نص أحكام هذه الاتفاقية، فاستحقت المقاطعة شرعا ونظاما.
خامسا: مبدأ حق الدولة الأولى بالرعاية المحدد في المادة الأولى من اتفاقية منظمة التجارة العالمية والمنصوص عليه في الاتفاقات الاقتصادية الموحدة التي أخلت به دولة قطر، وذلك لانفرادها بالتوقيع على خمس اتفاقيات للتجارة الحرة مع دول أخرى، مخالفة بذلك نص المادتين الـ 24 من اتفاقية الجات، الخاصة بقطاع السلع، والمادة الخامسة من اتفاقية الجات، الخاصة بقطاع الخدمات. وتؤكد هذه المواد عدم صحة إبرام اتفاقيات ثنائية منفردة بين الدول الأعضاء في مجلس التعاون، لكونها تمنح الدول الأخرى خارج المجلس مزايا تفوق ما تتمتع به دول المجلس من مزايا ضمن اتفاقيتها الاقتصادية الموحدة. ولقد أخلت قطر بوعودها واتفاقياتها مع شقيقاتها في دول المجلس الخاصة بتطبيق المادة الأولى من الاتفاقية الاقتصادية الموحدة، التي تنادي كل دولة خليجية: "بتنظيم العمل المشترك وأهداف تحقيق التنسيق والتكامل والترابط بين الدول الأعضاء في جميع الميادين وصولا إلى وحدتها وتوثيق الروابط بين شعوبها". كما اختارت قطر أن تقوم منفردة بتوقيع اتفاقية تسهيل التبادل التجاري مع إيران بتاريخ العاشر من تشرين الثاني (نوفمبر) 2014، وإبرام اتفاقية تزويد إسرائيل بالغاز الطبيعي بأسعار رمزية في السادس من كانون الأول (ديسمبر) 1990، إضافة إلى إقامة علاقات بين شركات الخطوط الجوية القطرية وإسرائيل لتخفيض القيود المفروضة على المسافرين والسلع، وإنشاء مزرعة متطورة في إسرائيل لإنتاج الألبان والأجبان لمنافسة المنتجات السعودية والإماراتية المماثلة.
لذا لا عزاء للدوحة نتيجة إسقاط دعاواها الكيدية في المنظمات الدولية، بسبب دعمها المتواصل للإرهاب ونكث وعودها، ما أدى إلى لجوء الدول الرباعية لممارسة حقها المشروع في حماية أمنها الوطني ضمن المبادئ والتشريعات المذكورة.

إنشرها