Author

فرص من رحم الجائحة «7»

|
فرص كورونا لن نجدها على قارعة الطريق تلوح لنا منتظرة، بل علينا أن نبحث عنها تحت كل حجر. وكشفت لنا فترة الحجر - ولا تزال - أن بوسعنا العمل بطريقة مختلفة، والإنتاج بطريقة مختلفة. وإذا كان مثال التحول الرقمي صارخا، فالمثال الثاني الأعلى وضوحا هو أن الاقتصاد بساط متقاطع الامتدادات، وأن كل نقطة تلاق هي فرصة، وأما أكثر فرص التلاقي فقد أتى أحد من بعيد، ولا أقول اكتشفها، بل تمكن من أن يستغلها، وستجد أن أحدا منا قد مده بالمال، أو لعله أهداه الفرصة ليقتسم معه الثمرة طمعا.
في زمن جائحة كورونا علينا الكشف عن هذه الفرص والسعي إلى استعادتها لمصلحة جيل من الرياديين ينتظر فرصة واعدة. أقول علينا الكشف وإظهارها بحرص وحذق. ومن الحذق أن نربط الفرصة دائما بمحتوى محلي بطريقة أو بأخرى، بتوفير بذرة seed رأس المال لشاب يمتلك فكرة، وصندوق تجارب sandbox لتجربتها، وحاضنة ومسرعة، ثم إطلاقها والاطمئنان أن هذا الشاب سيدير ويمتلك المشروع لينمو ويكبر. ومثال آخر لاستقطاب المستثمرين الأجانب وتقديم كل الحوافز مقابل توليد قيمة مضافة للاقتصاد الوطني، باستخدام المدخلات المحلية "المحتوى المحلي". لن أستطرد في الأمثلة، وأوجز لأقول، إن كورونا كشفت وستكشف أن السعي إلى تعظيم المحتوى المحلي من السلع والخدمات هو الضمانة - بعد الله سبحانه - للحد من أخطار الانكشاف على الخارج. ففي ظل الجوائح والأزمات تتقوقع الدول على ذواتها، وتنقطع الإمدادات، لسبب أو لآخر. ما المخرج؟ المخرج أن نسعى إلى إعادة توليفة آلة الإنتاج في اقتصادنا لتتجه مدخلاتها للداخل ولتوجه مخرجاتها للخارج، بمعنى أن ننتج بما يكفي سوقنا المحلية، ونكون من الكفاءة والتنافسية لنصدر للخارج. وإجمالا لن يجدي ترتيب إلا إذا كان للسوق المحلية نصيب من الاستهلاك، بمعنى أن الصناعات التصديرية الخالصة هي الاستثناء، وعادة ما تكون سلعية، كما هو حال صادرات النفط الخام والبتروكيماويات السلعية، فهذه ليست صناعات تحويلية بالمعنى الدقيق للكلمة، هي أساسية باعتبار أنها تحول المورد الطبيعي إلى مادة خام. أما المقصود هنا فهو ما ينطوي على ميزة تنافسية تمكنا من بز الواردات والإحلال محلها واكتساح الصادرات والدخول في أسواقها. بكلمة، إن كان لنا من درس صناعي - بالمفهوم الواسع للصناعة -، ما أفرزته كورونا كبير لا مفر من استيعابه فهو إعادة الهيكلة لتعظيم إسهام المحتوى المحلي، ولا سيما المورد البشري مالكا وموظفا وكدادا.

إنشرها