التنمية الاقتصادية والسكان في عام 2020 «1من 3»
العوامل الديموغرافية يمكن أن تكون محركا قويا لعملية التنمية الاقتصادية ووتيرتها. "فالديموغرافيا قدر محتوم" هي مقولة يستشهد بها غالبا للإشارة إلى أن عوامل مثل حجم السكان في بلد ما، ومعدل نموهم وتركيبتهم هي ما يحدد نسيجه الاجتماعي والاقتصادي والسياسي على المدى الطويل. وتسلط هذه المقولة الضوء على دور العوامل الديموغرافية في تشكيل كثير من التحديات والفرص المعقدة التي تواجهها المجتمعات، ويرتبط عدد منها بالنمو الاقتصادي والتنمية.
غير أنه من قبيل المبالغة القول: إن العوامل الديموغرافية هي المحدد الوحيد إذ يغفل ذلك حقيقة أن المسارات الديموغرافية وانعكاساتها على التنمية تتأثر بالحوافز الاقتصادية، وإصلاحات السياسات والإصلاحات المؤسسية، والتغيرات في التكنولوجيا والأعراف الثقافية والسلوك. ويشهد العالم في الوقت الحالي اضطرابات ديموغرافية كبرى ذات مكونات ثلاثة رئيسة: النمو السكاني، والتغيرات في معدلات الخصوبة والوفيات، وما يصاحب ذلك من تغيرات في التركيبة العمرية للسكان.
واستغرق الأمر أكثر من 50 ألف عام ليصل عدد سكان العالم إلى مليار شخص. لكن منذ عام 1960، يزداد تعدادنا عدة مليارات كل عقد أو اثنين. فقد بلغ التعداد العالمي للسكان ثلاثة مليارات نسمة عام 1960، ووصل إلى ستة مليارات نسمة في حدود عام 2000، وتشير توقعات الأمم المتحدة إلى تجاوزه تسعة مليارات نسمة بحلول عام 2037. غير أن معدل النمو السكاني السنوي تباطأ من ذروته في أواخر الستينيات عندما وصل إلى أكثر من 2 في المائة متراجعا إلى نحو 1 في المائة حاليا لينخفض مجددا إلى نصف هذا المستوى بحلول عام 2050.
ورغم ازدياد نصيب الفرد من الدخل العالمي بأكثر من الضعف، وارتفاع العمر المتوقع بـ16 عاما، وتمكين جميع الأطفال تقريبا على مستوى العالم من الالتحاق بالتعليم الابتدائي خلال الفترة 1960-2000، يفرض النمو السكاني السريع عديدا من التحديات الصعبة على مستوى الأفراد والمجتمعات. وتتضمن هذه التحديات الحاجة إلى مزيد من المأكل والملبس والمسكن والتعليم والبنية التحتية، واستيعاب أعداد كبيرة في صفوف القوة العاملة المنتجة، وبذل مزيد من الجهود لحماية البيئة. ورغم أن الانفجار السكاني العالمي أصبح أقل حدة نسبيا، إلا أنه لا تزال الزيادة من عقد لآخر كبيرة وتنطلق من مستويات أولية متنامية أكثر من ذي قبل.
وتراجعت إلى حد ما حدة المخاوف السابقة من حدوث انفجار سكاني عالمي لتتحول إلى مخاوف من نمو سكاني سريع في دول ومناطق معينة. وحقيقة الأمر أن التراجع العام في معدل النمو السكاني العالمي يحجب تحولات هائلة في توزيع سكان العالم حسب الوضع التنموي والمنطقة الجغرافية.
وفي عام 1950، شكلت الدول الأقل تقدما حسب تصنيف الأمم المتحدة 68 في المائة من سكان العالم، مقابل 84 في المائة حاليا. وستستمر هذه النسبة في الارتفاع نظرا لأن الزيادة الصافية المتوقعة في التعداد السكاني العالمي بمقدار ملياري نسمة تقريبا على مدار العقود الثلاثة المقبلة ستتركز بالكامل تقريبا في المناطق الأقل تقدما. ويعد ذلك شاغلا كبيرا، نظرا لأن المناطق الأقل تقدما غالبا ما تكون أكثر هشاشة -سياسيا واجتماعيا واقتصاديا وبيئيا- مقارنة بالمناطق الأكثر تقدما... يتبع.