Author

خروج بيل جيتس

|
قرر الرجل الأكثر ثراء في العالم مغادرة موقعه رئيسا لمجلس إدارة أهم شركة في عالمنا الحديث "مايكروسوفت". بيل جيتس، بنى هذه الشركة "طوبة - طوبة" كما تقول العرب، منذ أن غادر دراسته الثانوية واتفق مع زميل دراسة له أن يتغيبا عن أول سنة في دراستهما الجامعية لتحقيق حلم، ويا له من حلم تجسد فسيطر على العالم وصنع معجزة حولت التاريخ والناس من حال إلى حال، وأدخل أهم جهاز إلى حياة مليارات من الناس في أنحاء المعمورة.
أنشأ جيتس، بعد أن حقق آماله الدنيوية، منظمة "بيل وماليندا جيتس الخيرية"، طامعا في ترك إرث خيري ينتشر في كل العالم ويعين كل المحتاجين للحصول على ما يتمنون، ورصد له كل أمواله، وهو أمر استغربه العالم وقتها، لكنه كان محفزا لكل أغنياء العالم ليحذون حذوه. استمرت هذه المنظمة في نشاطها وصنعت معجزات في كل مكان، ليجد بيل جيتس نفسه متعلقا بهذه الهوية الجديدة أكثر من تعلقه بمعشوقته الأساس.
أخيرا، قرر بيل جيتس ترك مكانه التنفيذي في الشركة، والخروج من عالم الأعمال إلى عالم العطاء، وهذا يحمل كثيرا من المعاني المهمة التي يجب أن نتذكرها. إن القناعة الكبرى والرضى النفسي، الذي يجلبه العمل الخيري، دفعا كثيرين إلى ترك حياة الدعة والعرض الدنيوي لمصلحة رؤية ابتسامة على وجه طفل، أو تغير في حياة شيخ كبير، أو نظرة شكر وامتنان في عيون أسرة ذاقت الفقر والحاجة.
المتعة التي يحصل عليها العاملون في المجال الخيري لا يوازيها أي متعة مهما بلغت. والأجمل من ذلك أنها تجعل الحياة أفضل والنوم أهدأ وأطول. تلكم هي الفوائد المعنوية التي يحملها العمل الخيري، وعندما نتكلم عن هذا الأمر - وقد حث عليه الدين الإسلامي الحنيف - فلسنا بحاجة إلى ضرب الأمثال بالبعيد والحقيقة موجودة بين ظهرانينا، والبحث عن رضى الله بالعمل الخيري الخالص الذي لا تشوبه منة أو استهزاء أو تنغيص، هو ما يحثنا عليه ديننا وقيمنا.
بقي أن أذكر أن جيتس، ثاني أكبر مسهم في التبرعات التي تدعم عمل منظمة الصحة العالمية، ومهما انتشرت الشائعات ومحاولات الإساءة إلى الرجل مع ظهور جائحة "كوفيد - 19"، علينا أن نتعامل مع الحقائق وليس الاستنتاجات والشائعات، التي أزعم أنها ليست صحيحة.
إنشرها