Author

محاصرة الوباء

|
لعل أهم ما تحاول دول العالم فعله اليوم، محاصرة الوباء وتنفيذ أكبر عمليات الفحص المباشر والفردي. يلغي هذا الإجراء ضبابية الموقف، ويسمح بتوزيع الموارد وتوقع الحالات بشكل أكثر دقة بحكم محدودية المتوافر من أدوات العلاج ومرافق الرعاية التي يحتاج إليها المصابون.

لاحظ الجميع تباطؤ التفاعل في أغلب دول أوروبا وأمريكا - إن لم نقل كلها، وهذا سببه سوء التقدير وعدم إعداد الخطط المناسبة، ثم عدم توفير المستلزمات المناسبة إن كانت هناك خطط للتعامل مع تفشي وباء بهذا الحجم. النجاح الذي حققته كوريا الجنوبية، مثال لما يمكن أن تبني عليه دول العالم خططا للتعامل مع أي أمر مستجد.

نفذ الكوريون أكبر عملية فحص فردي في العالم منذ أن اكتشفوا أول حالة. تنفيذ الفحص لم يكن فجائيا أو مبنيا على حدس أو ذكاء شخصي، إنما على تجربة سابقة مع متلازمة الشرق الأوسط التنفسية، التي انتشرت هناك قبل خمسة أعوام ونتج عنها أكثر من 40 وفاة. أجرى الكوريون أكثر من 15 ألف عملية فحص يوميا منذ اكتشاف أول حالة، ما سهل التعرف على انتشار المرض والمصابين في وقت مبكر، وجعل كوريا توقف انتشار المرض بفاعلية أكبر.

الأهم فيما تقدم، التعلم من التجارب السابقة، وابتدار الحلول في وقت مناسب بحيث نلغي قاعدة التجربة والخطأ عندما يستدعي الأمر التعامل مع أزمة ما. هذا الدرس المهم يتعلمه كثيرون اليوم، لكن بسعر أكبر بكثير مما كانوا سيدفعونه لو أعدوا له سابقا.
تقول المعلومات الواردة من أكثر من مصدر، أن التحذير كان قائما من قبل الجهات الصحية باستمرار في الولايات المتحدة - بالذات، لكن الأمر لم يؤخذ بجدية إلا في بداية نيسان (أبريل) الحالي من قبل المسؤولين عن اتخاذ القرارات المهمة، وهي في الواقع كارثة أكبر منها أزمة، لهذا نشاهد اليوم تبادل الاتهامات بين مختلف الأطراف وعدم معرفة حدود الصلاحيات في حالات كثيرة بين حكومات الولايات والحكومة المركزية في واشنطن.

تتم عمليات الفحص في المملكة بشكل متسارع وتكشف كثيرا من المعلومات المهمة، ليس في نواحي انتشار المرض فقط، إنما في مجالات مهمة أخرى من ضمنها المؤشرات البيئية والبلدية والسكانية، حيث تعد هذه العملية أساسا لكثير مما يمكن عمله بعد مرور هذه الأزمة وتجاوزها - بحول الله تعالى.
إنشرها