Author

التحديات وحماية الاقتصاد العالمي

|
نعرب عن عميق تعاطفنا إزاء خسائر الأرواح التي منيت بها البشرية من جراء جائحة فيروس كورونا "كوفيد - 19". وتتمثل مهمتنا الجماعية الملحة في تخفيف الآثار الصحية والاقتصادية لهذه الجائحة على الناس في أنحاء العالم. ولا نزال على ثقة بأننا بالعمل معا سنتغلب على التحديات الراهنة للمساعدة على حماية الاقتصاد العالمي لمصلحة الجميع.
إننا نمر بأزمة عالمية منقطعة النظير. فالاقتصاد العالمي سيشهد انكماشا حادا هذا العام، ما يرجع لاتخاذ التدابير الصحية الضرورية لاحتواء الفيروس، والاضطرابات على جانبي العرض والطلب الاقتصادي، وتشديد الأوضاع المالية. وتعمل دول كثيرة على مواكبة التحديات الجسام بما فيها نقص الإمدادات والإمكانات الطبية. وعلى وجه التحديد، يواجه عديد من دول الأسواق الصاعدة والدول النامية تراجعا حادا في الطلب على الصادرات وفي أسعار السلع الأولية، وزيادة كبيرة في التدفقات الرأسمالية الخارجة، ونقصا في النقد الأجنبي، وتزايد أعباء الديون.
ورغم الدرجة العالية الاستثنائية من عدم اليقين المحيط بالآفاق العالمية، فإننا نتوقع حدوث تعاف في العام المقبل في ظل استمرارنا في تكريس كل أدوات السياسة المتاحة لدحر الجائحة، وحماية الوظائف، واستعادة النمو. فقد اتخذنا بالفعل إجراءات استثنائية على مستوى الاقتصاد الكلي، وبالعمل معا، سنتخذ مزيدا من التدابير، عند الضرورة، لتحقيق الاستقرار في المالية العامة والسياسة النقدية والقطاع المالي، بهدف تسريع وتيرة العودة لتحقيق نمو قوي ومستدام ومتوازن وشامل للجميع. ويشكل الدعم المالي الكبير والموجه مطلبا بالغ الأهمية لتوفير شبكة أمان للأسر ومؤسسات الأعمال الأكثر تضررا وتوفير الظروف المواتية للتعافي السريع. ونرحب بإجراءات البنوك المركزية والسلطات المالية للتخفيف من حدة الضغوط في الأوضاع المالية العالمية والمحافظة على الاستقرار المالي.
ونساند الصندوق في مساعدته الدول الأعضاء من خلال الدعم المالي، والمشورة بشأن السياسات، وتنمية القدرات، وذلك بالتعاون مع المؤسسات الدولية الأخرى والمنظمات الشريكة. ونرحب بمجموعة أدوات الصندوق للاستجابة للأزمات، التي تتألف من الإجراءات المبسطة، وسرعة وزيادة فرص الحصول على التمويل الطارئ، بما في ذلك عن طريق مضاعفة حدود الاستفادة السنوية من موارد الصندوق بصفة مؤقتة في إطار "التسهيل الائتماني السريع" و"أداة التمويل السريع"، وتوفير السيولة من خلال خط جديد لتوفير السيولة قصيرة الأجل للدول الأعضاء التي تتميز بسياسات وأساسيات اقتصادية قوية للغاية، إضافة إلى مساعدات تخفيف أعباء خدمة الديون لأفقر الدول وأشدها تعرضا للمخاطر من خلال "الصندوق الائتماني لاحتواء الكوارث وتخفيف أعباء الديون" بعد إصلاحه. وندعو الصندوق أيضا إلى استكشاف أدوات إضافية يمكنها تلبية احتياجات دوله الأعضاء في ظل تطور الأزمة، مستندا في ذلك إلى التجارب ذات الصلة في الأزمات السابقة.
ونرحب بالتعهدات المقدمة حتى الآن إلى "الصندوق الائتماني لاحتواء الكوارث وتخفيف أعباء الديون" و"الصندوق الائتماني للنمو والحد من الفقر" وندعو إلى تقديم مزيد من المساهمات، لضمان قدرة الصندوق على دعم دوله الأعضاء الأفقر والأكثر تعرضا للمخاطر. ونرحب بالمنهج المنسق الذي وافقت عليه مجموعة العشرين ونادي باريس، بدعم من الصندوق والبنك الدولي، بغية قيام الدائنين الرسميين الثنائيين بتعليق مدفوعات خدمة الدين ضمن إطار زمني محدد بالنسبة لأفقر الدول التي تطلب الإمهال. وندعو الدائنين من القطاع الخاص للمشاركة في هذه المبادرة وفق شروط مماثلة. ونرحب بتركيز الصندوق على العمل المرتبط بمواجهة الأزمة، بما في ذلك ما يتعلق بمخاطر الديون والاستقرار المالي، ما يدعم تحقيق تعاف مستدام على نحو يتسق مع القضايا طويلة الأمد على جدول أعمالنا.
ونؤكد مجددا التزامنا ببقاء الصندوق مؤسسة قوية تقوم على حصص العضوية وتتوافر لها الموارد الكافية وتكون في صدارة شبكة الأمان المالي العالمية. وسنواصل مراقبتنا الوثيقة للطلب على الاستفادة من موارد الصندوق. وتمثل طاقة الصندوق الإقراضية البالغة تريليون دولار عاملا بالغ الأهمية في الحفاظ على الثقة بقدرة الصندوق على أداء المهام المنوطة به عن طريق مساعدة دوله الأعضاء على تجاوز الأزمة. ومن الخطوات المهمة في هذا الاتجاه قرارات المجلس التنفيذي الأخيرة بمضاعفة موارد "الاتفاقات الجديدة للاقتراض" وبدء جولة جديدة من "اتفاقات الاقتراض الثنائية". ونتطلع إلى قيام الأعضاء باتخاذ إجراء عاجل لتنفيذ هذه القرارات. ولا نزال ملتزمين بإعادة النظر في مدى كفاية حصص العضوية ومواصلة عملية إصلاح نظام حوكمة الصندوق في إطار المراجعة العامة الـ16 للحصص، بما في ذلك الاتفاق على صيغة جديدة للحصص للاسترشاد بها، في موعد غايته 15 ديسمبر 2023.
إنشرها