فتوى غير المفتي

 خطر لي التساؤل عن سبب شراء صندوق حكومي حصة في شركة سياحية عالمية في هذا الوقت؟ ثم أدركت على طريقة "للبيت رب يحميه" أن لهذا الصندوق مجلس إدارة ومسؤولين، هم مسؤولون أمام الحكومة، وأن هناك أسبابا كثيرة قد تكون وراء هذه الصفقة، مثل أن هناك أصولا قوية، أو أن قيمتها الدفترية أكبر بكثير من السوقية، أو أن هناك قراءة معينة مختلفة، ستكشفها الأيام.

وبالمثل تساءلت عما يجعل الشركة التي تمثل الذراع الاستثمارية للتأمينات الاجتماعية تدخل في شراكة مع مجموعة طبية، تعرضت لمشكلات كبيرة أخيرا، وجاء بعض الأجوبة من الشركة شبه مطمئنة، وأيضا ربما هناك ما لا أعلم، رغم أن الحالة الثانية تعنيني أكثر، حيث إن مستقبلي التقاعدي يعتمد بعد الله على هذه المؤسسة.
أبعدت الهواجس عني، وأحسست أننا كثيرا ما نقلق على أمور ليس دورنا أن نقلق منها، لأننا لا نعرف كل شيء، وبالتالي يجب ألا نفتي في كل شيء، ونطرح أسئلة أو اقتراحات بناء على انطباعات عاطفية، أو هواجس شخصية رغم عدم تخصصنا. الحال نفسه ينطبق على أمور كثيرة، ومنها هذه الجائحة التي تمر بالعالم ونحن معهم، فقد لاحظت كثيرا من الانتقاد غير المبرر لبعض الجهات، ورصدت كثيرا من "الطيران في العجة" والتعليق على معلومات أو أخبار غير صحيحة، أو قديمة، أو حتى مفبركة، والساحة الأكبر بالطبع هي وسائل التواصل الاجتماعي، حيث لا تجد مثل هذه الأشياء في الصحف، أو وسائل الإعلام الحقيقية، وأسميها الحقيقية لأن تسمية "التقليدية" فخ اصطلاحي لا أحب أن أكون ممن يقعون فيه.
ترتيبات منع التجول "تبخصها" الجهات الأمنية، وترتيبات الحجر الصحي تعرفها الجهات الصحية، والأدوية التي يجب أن تعطى للعناية بالمصابين من اختصاص الأطباء وخبراء الأمراض المعدية والأوبئة، حتى ما يجب أن تفعله في بيتك أثناء التزامك بالتباعد الاجتماعي، هو اختصاصك أنت فلا أحد يعلم إن كنت تعمل عن بعد أو في موقعك إذا كان قطاعك حيويا، ولا أحد يعرف ظروف وقتك وطبيعتك أكثر منك.
فتوى غير المفتي في كثير من الأمور سمة زادت مع توفر الوقت لكثيرين، والرغبة الجامحة في الإدلاء بأي دلو في أي شأن لا يستطيع مقاومتها إلا القليل من الناس، الذين أتمنى أن يزيد عددهم حتى يقل التشويش على عامة المتلقين.
للعلم فقط هذه ليست ظاهرة عربية أو سعودية، فقد كشفت الجائحة أنها صفة "معولمة" وقع فيها حتى من يجب ألا يفعل لموقعه في بلاده أو شعبه.
حفظ الله عقول وأبدان الجميع.           

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي