Author

كورونا والمعتاد اليومي

|

 تحدث معي صديق بعصبية مفرطة لم أتعودها منه. تذكرت الظرف الذي يعيشه العالم أجمع، ونحن نكابده لكوننا جزءا من العالم. ملازمة للمنزل، عمل عن بعد من خلال وسائل إلكترونية. مقاطعات بين هذه وتلك من خلال اتصال هاتفي، أو تواصل مع أحد أفراد الأسرة الصغيرة داخل المنزل. دائرة الحركة لم تعد متسعة. خيارات الترفيه محدودة. مشاهدة التلفزيون تخضع لاعتبارات متعددة. تصفح كتاب إلكتروني يأخذ مداه، لكنه يبقى خيارا من ضمن خيارات عدة تتطلب مزاجا.

هنا تتبقى خيارات أخرى. التواصل مع أفراد الأسرة. التحدث إلى البنات والأبناء. إعادة اكتشاف عوالمهم، وأيضا التخفيف من توترهم، بسبب الأوضاع الطارئة التي أحدثها فيروس كورونا المستجد. ثم ماذا؟ يتبقى أمر مهم، يتمثل في محاولة تغيير قوائم الاعتياد اليومي. كل إنسان فينا أسير جملة من الأمور المعتادة. سلوكيات وممارسات متعددة، كانت بالنسبة إلى كثيرين تمثل محور ارتكاز ثابتا يوميا. هذا الظرف جعل هذا المعتاد اليومي يتوقف فجأة. هذا التوقف نتج عنه مخرجات جديدة قد لا نحبها، لكننا نتصالح معها، وقد تكون مقدمة لتغيير كبير في المعتاد اليومي.
اللافت أن البعض لم يتمكن من القفز على حالة الاعتياد اليومي تلك. وبالمناسبة هذا الأمر طبيعي. وهو يتسق مع الطبع الإنساني بوصفه كائنا اجتماعيا. ولذلك كان هذا الأمر ولا يزال التحدي الأكبر عالميا.
ولكن علينا دوما أن نتذكر أن المجتمعات التي راهنت على ما يسمى مناعة القطيع قد دفعت ثمنا باهظا، إذا تزايدت الإصابات عندهم بشكل كبير، وهذه الإصابات دفعتهم للتراجع عن هذا القرار. معظم المجتمعات حاليا ترى أن ملازمة البيت والتباعد الاجتماعي هو الحل. وهذه هي القاعدة الذهبية التي وضعتها منظمة الصحة العالمية.
هناك مشكلات نفسية وضغوط اجتماعية، وهذا التحدي الذي لا بد أن تتفهمه كل أسرة وتحاول عدم الاستسلام له. إن هذا التحدي، بكل تبعاته، يستحق أن ننجح فيه، حتى نخرج منتصرين.
طيب الله أوقات الجميع، وعشتم سالمين.           

إنشرها