Author

ضرر موجات الراديو على البيئة

|

 تغير المناخ هو أكثر المشكلات التي واجهتها البشرية انتشارا وتعقيدا على الإطلاق. ولم يعد أمامنا وقت لنضيعه، بل نحتاج إلى تحويل كلامنا الكثير عن التحول إلى الأنماط الصديقة للبيئة إلى ممارسات حقيقية صديقة للبيئة. يجب أن يكون التحول إلى الأفعال هو مقصدنا وغايتنا.

وفي هذا الإطار يجب علينا إيلاء كثير من الاهتمام إلى نحل العسل والأخطار التي تكتنفه من جراء ممارسات البشرية التي لا تراعي الآثار البيئية.
إن نحل العسل يستغيث بنا منذ أكثر من 114 عاما، حيث تتناقص أعداده باستمرار وتصبح رسالته أكثر إلحاحا منتظرا أن يستمع العالم النائم في نهاية المطاف إلى استغاثته التي تصرخ: "استيقظوا قبل فوات الأوان، فلم يعد هناك وقت".
على جزيرة وايت - قبالة الساحل الجنوبي لإنجلترا - شيد جيوجيلمو ماركوني أول محطة إذاعية دائمة في العالم عام 1898. وعند ذلك وصلنا أول تحذير موجه من النحل إلى الإنسانية.
كتب أوغسطس إيمز الأستاذ في جامعة كامبريدج عام 1906 راصدا ظاهرة غريبة ظهرت آنذاك: "أصبحنا نشاهد كثيرا النحل وهو يزحف على سيقان العشب أو على دعامات خلاياه، ويظل متشبثا بها قليلا إلى أن يسقط على الأرض من الضعف الشديد ثم يموت بعد ذلك بوقت قصير".
وحدث وقتها أن اختفى بالفعل 90 في المائة من النحل من الجزيرة بأكملها. ولما وجد الرجل نفسه غير قادر على العثور على سبب أطلق على هذه الظاهرة ببساطة شديدة مرض جزيرة وايت. ثم تم جلب أسراب من النحل الخالي من الأمراض من الجزيرة البريطانية الرئيسة، لكن ذلك لم يجد نفعا حيث إنه في غضون أسبوع مات الآلاف من هذا النحل المنقول توا إلى جزيرة وايت.
وبعد أكثر من قرن من الزمان تكررت هذه الظاهرة نفسها في 19 تشرين الثاني (نوفمبر) 2019 تم نصب هوائي يدعم خدمات الجيل الخامس للأنظمة اللاسلكية على بعد 250 مترا من منزل أنجيلا في ملبورن في أستراليا.
وبعدها كتبت أنجيلا مسجلة ملاحظاتها: "صورت السارية الجديدة وهي تنصب على برج شبكات الهواتف النقالة، وفي اليوم التالي كنت في ممر منزلنا أتحدث إلى النجار ورأيت النحل يسقط في الممر ثم يموت. وقد تمكنت من تصوير نحلة تحاول جمع حبوب اللقاح لكنها كانت معلقة رأسا على عقب وغير قادرة على الوصول إلى قلب الزهرة، ثم تدحرجت على بتلات الزهرة وسقطت على الأرض".
الآن وبعد شهرين أصبحت حديقة منزل أنجيلا التي كانت جميلة ومليئة بأشجار ونباتات قديمة من مختلف أنحاء العالم صامتة وقاحلة.
وكتبت أنجيلا بعد ذلك: "لم يعد لدينا أي حشرات على الإطلاق، وشجرة البرتقال التي كانت مثمرة طوال العام لا تبشر بأي ثمار مستقبلا، وليست هناك براعم زيتون على شجرة الزيتون التي كانت غزيرة الإنتاج حتى العام الماضي. وقد قلبنا التربة أمس فلم نر ديدانا أيضا على الإطلاق، لقد ذهب كل شيء. وأثناء تمشية الكلب في وقت متأخر من الليل في الظلام رأيت غرابا مسكينا في آخر الشارع تحت المصباح يبحث عن صرصار دون جدوى وكان صامتا. وعندما رجعت إلى المنزل عدت ببعض طعام الطيور بحثا عن الغراب لكنه كان قد ذهب، ولا شك أن خروجه ليلا كان بسبب الجوع".
وبين الغذاء والخير الوفير أصبح النحل يتضور جوعا حتى الموت. في عام 2009 وضعت نيليما كومار من جامعة بنجاب في الهند هواتف نقالة في بعض خلايا النحل وقامت بتشغيلها لمدة عشر دقائق، فارتفعت تركيزات الجلوكوز والكوليسترول والكربوهيدرات الكلية والدهون الكلية والبروتينات الكلية في دم النحل. وبعد التعرض لمدة عشر دقائق فقط للهواتف النقالة لم يتمكن النحل من هضم طعامه أو استخدام الأكسجين الذي كان يتنفسه، حيث وصل التمثيل الغذائي لديه إلى طريق مسدود.
إن موجات الراديو سم قاتل فهي تخترق الجلد والعظم وجدران الخلايا والميتوكوندريا. إنها تمنع الإلكترونات التي تستخرجها أجسامنا من الطعام من الاندماج مع الأكسجين الذي نتنفسه. وتتسبب لنا في أمراض السكري والقلب والسرطان. وهي تضلل الطيور المهاجرة وتقتل كائنات حية صغيرة جدا تقوم بتلقيح الزهور وتتميز بارتفاع معدلات التمثيل الغذائي.
لأول مرة في تاريخ البشرية أصبحت موجات الراديو لا تبث فقط من أبراج شاهقة منتشرة على نطاق واسع عبر المناطق الطبيعية المحيطة، لكن من أيدي الرجال والنساء والأطفال في كل مكان. وفي عام 2020 جعلنا هذا على شفا الانقراض، وليس المقصود انقراض النحل ولا البشرية فقط، لكن كل صور الحياة على الأرض.

إنشرها