الطعام البارد

 انفجر أحد الأشخاص غضبا عندما وصل طعامه الذي ظل ينتظره ساعتين ناقصا وباردا.

أودعه المطبخ وتوجه إلى المطعم. كانت الساعة تشير إلى الثانية ظهرا، والحرارة شديدة، وحرارته أشد. يغلي من الداخل إثر استهتار المطعم بالطلب وإهماله.
ذهب يلقن مدير المطعم وصاحبه درسا في إدارة الطلبات.
وصل إلى المطعم واستقبله شاب صغير في مطلع العشرينات. صرخ عليه فور مجيئه قائلا: "من هو مدير المطعم، أريد التحدث معه".
أجابه وهو يحاول امتصاص انفعاله: "كلنا في خدمتك. آمرني".
أعاد عليه السؤال بصوت أعلى: "ناد مديرك".
فرد عليه الشاب الذي يرتدي زي النادل بلطف: "قد أكون أقل من أن أخدمك، ولكني أنا المدير المناوب، ويشرفني الاستماع إليك وإرضاؤك".
لم يكمل النادل إجابته حتى انفلتت الكلمات من لسان الغاضب دون توقف على شاكلة: "الآن عرفت سبب سوء هذا المطعم، لأنه تحت إدارة صغار مثلك". قال النادل: "نستحق كل ما تقول، ما يهمني الآن هو أن أسمعك وأصحح الخطأ، أخبرني ماذا حدث، وأبشر بالعوض وأكثر".
هدأ الغاضب قليلا وسرد له الحكاية. اعتذر منه النادل بشدة وإلحاح، ثم طلب له عصيرا، وأعد له كل الطلبات التي نسي أن يحملها السائق مع الأخرى طازجة وساخنة. إضافة إلى قسيمة لأربع وجبات مجانية لاحقا.
ذاب غضبه تماما وعاد أدراجه. التهم وجبته برضا، ثم عاد في اليوم التالي ليشكر النادل الشاب ويعتذر منه عما بدر منه، ثم يعرض عليه العمل في شركة أخيه الكبيرة.
قدم له عرضا سخيا: "سيمنحك شقيقي ثلاثة أضعاف راتبك رغم أنه لا يعرف كم راتبك الحالي. عندما أخبرته بقصتي معك، قال لي أريد مثل هذا الشخص الذي يستطيع إدارة غضب الآخرين بهذه الكفاءة".
كل يوم أتيقن أكثر أن حسن التواصل والاستماع وإدارة الأزمات هي التي توجد النجاح للجميع.
ففي الرخاء لا تحتاج إلى كثير من الجهد والعمل والذكاء، ولكن في الشدة تحتاج إلى ذلك وأكثر.
تميزك تثبته الأيام واللحظات الصعبة. كلما كنت أكثر هدوءا وحكمة خلال الأوقات العصيبة، ارتقيت وارتفعت وتميزت.           

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي