default Author

العالم يحتاج إلى نظام مالي جديد مستدام «2 من 3»

|


يتواصل ارتفاع عدد الإفصاحات: فأربعة أخماس أكبر 1100 شركة في دول مجموعة العشرين، تفصح في الوقت الحالي عن المخاطر المالية المتصلة بالمناخ حسب بعض توصيات فرقة العمل المعنية بالإفصاحات المالية المتصلة بالمناخ. وقد شهد ثلاثة أرباع تلك الشركات التي تستخدم هذه المعلومات تحسنا في جودة الإفصاحات المالية المتصلة بالمناخ.
وتتمثل الخطوة القادمة في جعل هذه الإفصاحات إلزامية، وهو ما أشار إليه بالفعل كل من المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي.
والوقت قد حان لمشاركة جميع البلدان، نظرا إلى أن العالم لن يستطيع القضاء على الانبعاثات ما لم تتوافر للقطاع المالي المعلومات الكافية عن كيفية استجابة الشركات لمخاطر المناخ. حتى نتمكن من مراقبة الأوضاع، يجب أن تكون لدينا القدرة على الرؤية في المقام الأول.
وعلى مدى العامين المقبلين، ستمثل عملية الإفصاح الحالية من جانب مستخدمي رأس المال، وردود أفعال مقدمي رأس المال، وتعديل هذه المعايير، عوامل أساسية لضمان قابلية معايير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ للمقارنة وكفاءتها وإمكانية الاعتماد عليها في اتخاذ القرارات.
يجب على جميع مقدمي رأس المال - البنوك وشركات التأمين ومديرو الأصول والأجهزة التي تشرف عليهم - فهم المخاطر المالية المرتبطة بالمناخ وإدارتها بشكل أفضل.
وستستلزم التغيرات في السياسات المناخية والتكنولوجيات الجديدة والمخاطر المادية المتنامية، إعادة تقييم جميع الأصول المالية تقريبا. وستجني الشركات التي تتسق نماذج عملها مع مسيرة التحول نحو عالم خال من الكربون مكاسب كبيرة، أما الشركات التي تفشل في التكيف، فسينتهي أمرها. وكلما تأخرت الشركات في التكيف بالقدر الكافي، ازداد حجم الاضطرابات والاختلالات.
ويدرك بنك إنجلترا، بوصفه المشرف على رابع أكبر قطاع التأمين في العالم، أن شركات التأمين العام وإعادة التأمين تمثل الصف الأول في إدارة المخاطر المادية الناتجة عن تغير المناخ. وقد استجابت شركات التأمين من خلال تطوير نماذج عملها وتنمية قدراتها على التنبؤ، وتحسين إدارة الانكشافات، وتعديل نطاق التغطية والتسعير ليعكسا هذه المخاطر.
وتوصل بنك إنجلترا، في آخر مسح صادر له، إلى أن نحو ثلاثة أرباع البنوك بدأت حاليا في التعامل مع المخاطر الناتجة عن تغير المناخ بوصفها مخاطر مالية - بدلا من مجرد وصفها مسؤولية اجتماعية. فقد بدأت البنوك في مراعاة المخاطر المادية التي تؤثر مباشرة في نماذج عملها - بدءا من انكشاف قروضها العقارية لمخاطر الفيضانات حتى تأثير أحداث الطقس المتطرفة في المخاطر السيادية. وتتخذ حاليا خطوات لتقييم مدى انكشافها للمخاطر الانتقالية تحسبا للإجراءات التي قد تتخذ لمواجهة مخاطر المناخ. ويتضمن ذلك الانكشاف للقطاعات كثيفة الكربون، والقروض الاستهلاكية التي تمول شراء السيارات التي تعمل بالديزل، والقروض العقارية التي تمول العقارات المستأجرة، وذلك في ضوء متطلبات كفاءة استخدام الطاقة الجديدة.
ويعكف بنك إنجلترا على تعديل نهجه الإشرافي تحسبا لهذا التحول الكبير، وذلك في ضوء توقعاته في المجالات التالية:
- الحوكمة: سيكون من المتوقع من الشركات دمج اعتبارات المخاطر المناخية في أطر الحوكمة، بما في ذلك على مستوى مجالس الإدارات، وإسناد مسؤولية الرقابة على هذه المخاطر إلى مجموعة محددة من كبار المديرين.
- إدارة المخاطر: يجب على الشركات مراعاة تغير المناخ حسب درجة الإقبال على المخاطر التي توافق عليها مجالس إداراتها.
- تحليل السيناريوهات بصفة مستمرة: وهو أمر ضروري لاختبار الصلابة الاستراتيجية.
- الإفصاح عن المخاطر المناخية بالشكل الملائم: يجب على الشركات استحداث وتطبيق وسائل لتقييم هذه المخاطر والإفصاح عنها.
وسيكون بنك إنجلترا أول جهة تنظيمية تخضع نظامها المالي لاختبارات لقياس قدرته على تحمل الضغوط الناتجة عن مختلف مسارات العمل المناخي، بما في ذلك السيناريو المتشائم الذي يتوقع ممارسة الأنشطة على النحو المعتاد، والسيناريو الأمثل - رغم ما ينطوي عليه من تحديات - الذي يتوقع القضاء التام على الكربون بحلول عام 2050 اتساقا مع الهدف الوارد في تشريعات المملكة المتحدة.
وستسهم هذه الاختبارات في تعميم العمل بأساليب إدارة المخاطر المتطورة، كما ستجعل النظام المالي العالمي أكثر استجابة للتغيرات، سواء في المناخ أو في السياسات المناخية الحكومية.
وسيكون هذا الاختبار الأول من نوعه، حيث سيجمع بين السيناريوهات المناخية والنماذج الاقتصادية الكلية والمالية. وسيستحدث بنك إنجلترا هذا النهج بالتشاور مع القطاع، مثل شركات التأمين وغيرها من أصحاب المصلحة المعنيين، بما في ذلك خبراء شبكة البنوك المركزية والأجهزة الإشرافية المعنية بالنظام المالي الأخضر - وهي مجموعة مكونة من 48 عضوا يمثلون البلدان المسؤولة عن نصف حجم الانبعاثات العالمية.
ازداد إدراك الأسواق المالية لأهمية الاستثمارات المستدامة بوصفها أفقا جديدة تتيح فرصا هائلة بدءا من تحول الطاقة إلى التغيير الجذري في أشكال المواد البروتينية... يتبع.

إنشرها