صناديق الريت .. أين توجد الفرص؟
مضت عدة أعوام منذ أن تم تنظيم طرح الصناديق العقارية المتداولة "الريت". والمتابع لهذه الأطروحات يجد تفاوتا بين أداء هذه الصناديق، بل إن الحركة العامة لنشاط هذه الصناديق مختلف، رغم أن عقود الإيجارات غالبا معلومة لفترة محددة مستقبلا. بمعنى آخر، معظم هذه الصناديق تضيف إلى إيراداتها المتوقعة بناء على إيجارات لمدد محددة مستقبلا، ما يعني أن المستثمر يعلم بنسبة كبيرة عن الدخل المتوقع خلال فترة لا تقل عن خمسة أعوام مستقبلا، بجانب أن المغامرة أو المخاطرة فيها محدودة نسبيا، ومن الصعب تشبيهها بغيرها من الأسهم باعتبار أن المخاطر فيها غالبا أقل، لذلك تعد من الاستثمارات متوسطة المخاطر، وتعد أيضا خيارا جيدا لمن يبحث عن عوائد مناسبة أفضل من عوائد الاستثمارات منخفضة المخاطر، مثل عقود المرابحة.
في الفترة الماضية كانت هناك حركة جيدة على صناديق الريت، ما يدل على أن هناك نوعا من احتمال التحسن في أدائها وبناء ثقة جيدة باستثماراتها، إلا أن هذا لا يشمل جميع هذه الصناديق، إذ إن هناك نوعا من الانتقاء لها بناء على احتمال تحسن عوائد أصولها، خصوصا أن بعضها أمضى عدة أعوام، وقد تكون العقود الجديدة أفضل نسبيا، لذلك لا يمكن أن يكون هناك أداء متساويا لهذه الأصول، حيث إن المتوقع أن يكون أداء بعضها أفضل مستقبلا، إضافة إلى كفاءة إدارتها وجودة أصولها والفرص المتوقعة لتلك الأصول وخطط الإدارة بناء على نتائج اجتماعات مجلس الإدارة والتقارير الدورية.
"صناديق الريت"، من الصعب أن يتم النظر إليها بصورة واحدة، حيث إن أداءها المستقبلي من الممكن أن يتغير، لكن يبقى أن هامش التغيير محدود نسبيا، لذلك لا نجد حركة نشطة غالبا ترتفع معها الأسعار إلى نسب مبالغ فيها، وهذا فرق بارز بينها وبين الأسهم التي يحتمل أن تشهد انخفاضا كبيرا أو ارتفاعات هائلة بناء على المعطيات الخاصة بها. وجانب الغموض النسبي في الأسهم أكبر مما يدفع البعض إلى المغامرة بناء على استقراء مؤشرات مستقبلية محتملة، وبناء عليه كيف يمكن للمستثمر الذي يبحث عن استثمار آمن نسبيا أن يختار بين صناديق الريت المتداولة عطفا على المعطيات السابقة؟
من المهم اختيار الإدارة الأكفأ، ففي أي استثمار، فإن لذلك أثرا في النتائج، خصوصا فيما يتعلق باختيار الأصول الجيدة والكفاءة في التشغيل والبحث عن الفرص. واختيار الإدارة بعناية يحقق نتائج جيدة، علما أن الشركات الاستثمارية تدير أصولا متعددة. ونظرا للشفافية العالية التي تفرضها السوق المالية، أصبحت المقارنة أيسر بكثير للمستثمر، إضافة إلى وجود دراسات وتقارير عن معظم الصناديق والأسهم من جهات محايدة نسبيا، وليس مطلقا.
من المهم أيضا النظر إلى جودة الأصول، حيث إن أغلبها عبارة عن عقارات معروفة ويمكن تقييمها ومعرفة السعر التقريبي العادل، إضافة إلى أن تقرير الصندوق يتضمن الدخل التقديري لتلك الأصول، وهذا إن كان في معرفة تفاصيله صعوبة نوعا ما، إلا أن التقديرات التقريبية تساعد على الوصول إلى نتائج أكثر وضوحا للمستثمر.
من الأمور المهم معرفتها فيما يتعلق بالأصول، نوع النشاط الذي تستخدم فيه تلك الأصول، حيث إنه مع التحولات المتعلقة بالتوجه الحكومي وفق رؤية المملكة 2030، نجد أن هناك قطاعات يمكن أن تستفيد أكثر من هذه التحولات، مثل قطاع الإسكان الفندقي، بسبب الانفتاح بصورة أكبر على السياحة وتنظيم المواسم السياحية في المدن الكبرى والمناطق بصورة عامة، إضافة إلى المؤتمرات الدولية والمعارض وغيرها، التي أصبحت تجذب الزوار من داخل وخارج المملكة، وهذا من شأنه أن يزيد فرص نجاح هذه الاستثمارات. ومن القطاعات الواعدة، القطاع الصحي، إضافة إلى قطاع التعليم الأهلي، سواء التعليم العام أو الجامعي. في المقابل، القطاع السكني وبعض التجاري، قد تكون الفرص فيه أقل، نظرا إلى الاهتمام بصورة أكبر بتمليك الأفراد المساكن والتوسع الكبير في المتاجر الإلكترونية.
الخلاصة: إن الصناديق العقارية المتداولة تقدم فرصا جيدة للاستثمار متوسط المخاطر، لكن كان الغموض في مستقبلها أقل مقارنة بالأسهم، وهو ما يفسر محدودية التذبذب في أسعارها. وعند اتخاذ قرار الاستثمار في هذه الصناديق من المهم الأخذ في الحسبان كفاءة الإدارة وجودة الأصول ونوع النشاط.