خطابات الملك في المحافل الدولية .. خريطة طريق لتعزيز السلام
رسمت خطابات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز في المحافل الدولية خريطة طريق تعزز السلام والاستقرار في المنطقة، وتؤكد مكانة المملكة وريادتها للعالم الإسلامي وتشرفها بخدمة الحرمين الشريفين، وبمحورية دورها السياسي والاقتصادي عربيا وإقليميا ودوليا.
وبحسب وكالة الأنباء السعودية "واس" عززت خطابات الملك سلمان أمام دول العالم ديمومة النهج الذي تسير عليه البلاد منذ تأسيسها، والتأكيد على خصوصيتها في التعاطي مع الأحداث المحلية والدولية، فيما ظل الخطاب الملكي يؤكد الدور الرئيس للمواطن السعودي الذي يعد محور التنمية الوطنية وأن المسيرة حققت منجزات كبرى.
ولا تخلو كلمة أو حديث لخادم الحرمين الشريفين دون أن يؤكد من خلالها مكانة المملكة بوصفها منطلق الإسلام ومهد العروبة وقبلة المسلمين التي تقف بكل حزم وعزم مع الدول الإسلامية والعربية لأخذ حقوقها كاملة دون نقصان.
وألقى خادم الحرمين الشريفين أمام قادة دول الخليج خلال اجتماع الدورة الـ39 للمجلس الأعلى لمجلس التعاون كلمة قال فيها "لقد قام مجلس التعاون لدول الخليج العربية من أجل تعزيز الأمن والاستقرار والنماء والازدهار والرفاهية لمواطني دول المجلس فهم ثروتنا الأساسية وبهم تتحقق الرؤى والآمال. وأثق أننا جميعا حريصون على المحافظة على هذا الكيان وتعزيز دوره في الحاضر والمستقبل".
وأضاف: "لقد حبا الله عز وجل دولنا بثروات بشرية وطبيعية عززت دورها الحضاري في المنطقة والعالم، الأمر الذي يتطلب منا جميعا تسخير طاقاتنا لخدمة شعوب المجلس والحفاظ على أمن واستقرار دولنا والمنطقة".
وقال: "إن منطقتنا تمر بتحديات وتهديدات لا تخفى عليكم فلا تزال القوى المتطرفة والإرهابية تهدد أمننا الخليجي والعربي المشترك ولا يزال النظام الإيراني يواصل سياساته العدائية في رعاية تلك القوى والتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، وهذا يتطلب منا جميعا الحفاظ على مكتسبات دولنا، والعمل مع شركائنا لحفظ الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم، والإصرار على ضرورة تحقيق الضمانات الكاملة والكافية تجاه برنامج إيران النووي وبرنامجها لتطوير الصواريخ الباليستية".
وأكد أن المملكة تواصل الدفاع عن القضايا العربية والإسلامية في المحافل الدولية، وتحتل القضية الفلسطينية مكان الصدارة في اهتماماتها وتسعى لحصول الشعب الفلسطيني على حقوقه المشروعة بما في ذلك إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وتناشد المملكة المجتمع الدولي للقيام بمسؤولياته باتخاذ التدابير اللازمة لحماية الشعب الفلسطيني من الممارسات العدوانية الإسرائيلية التي تعد استفزازا لمشاعر العرب والمسلمين وللشعوب المحبة للسلام.
وحرصت دول التحالف بطلب من الحكومة الشرعية في اليمن على إنقاذ اليمن وشعبه من فئة انقلبت على شرعيته وعمدت إلى العبث بأمنه واستقراره، كما عملت دول التحالف على إعادة الأمل للشعب اليمني من خلال برامج الإغاثة والمساعدات الإنسانية، كما تواصل دول التحالف دعمها لجهود الوصول إلى حل سياسي للأزمة اليمنية وفقا لقرار مجلس الأمن 2216، والمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ونتائج الحوار الوطني اليمني الشامل.
وتدعو المملكة لحل سياسي يخرج سورية من أزمتها ويسهم في قيام حكومة انتقالية تضمن وحدة سورية وخروج القوات الأجنبية والتنظيمات الإرهابية منها.
كما تحرص المملكة على بناء علاقات متينة واستراتيجية مع الشقيقة العراق التي تشكل ركنا أساسيا في منظومة الأمن العربي.
وخلال استقباله ضيوف المهرجان الوطني للتراث والثقافة من المفكرين والأدباء قال: "المهرجان يجسد تراث المملكة، ويعكس تنوع التراث في بلادنا، ويسهم في توعية الأجيال الشابة بهذا التراث، كما يسهم المهرجان في تعزيز التواصل الثقافي العالمي، وما وجودكم هنا إلا دليل على ذلك".
تمثل الثقافة بمفهومها الشامل قاسما مشتركا أساسيا بين شعوب العالم وعاملا مهما لتعزيز الأمن والسلم وترسيخ مفهوم التعايش والحوار العالمي من أجل مستقبل أفضل.
وقد قال في كلمته خلال تدشن برنامج التنمية الريفية الزراعية المستدامة: "أنا سعيد أني أراكم اليوم، وسعادتي دائما أراها عندما أشاهد الكفاءات في بلادنا والحمد لله في كل المجالات، وهذه نعمة من الله على كل حال، ثم وجود وسائل التعليم في كل المملكة من المدارس والجامعات والكليات جعلت المملكة تكتفي بأبنائها، وهذه نعمة كبرى، لكن النعمة الأكبر هي الأمن والاستقرار في بلادنا، الذي جعل العمل فيها في كل مجال متطورا، والأكبر من هذا كله بلادنا بلاد الحرمين".
وأضاف: "يشرفني كما يشرف أي واحد من الأسرة أو من أبناء وطننا أن نكون خداما للحرمين الشريفين، الحمد لله رب العالمين، نسأل الله عز وجل، أن يرزقنا شكر نعمته، والحمد لله بلدنا الآن في كل مجالاته فيه من أبناء البلد مع إخوانهم الذين قبلهم من البلاد العربية وغيرها، خدموا مع الدولة، لكن ولله الحمد الآن يمكن أن نصدر ولا نستورد، نسأل الله عز وجل أن يرزقنا شكر نعمته قبل كل شيء، ويحمي بلادنا من كل من أراد بها سوءا، والحمد لله رب العالمين".
وأكد خلال قمة القدس التي استضافتها المملكة أخيرا: "إن العلاقات بين الدول لا يمكن أن تستقيم دون احترام كامل لسيادتها، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية".
وأشار إلى أن الميل عن هذه المبادئ الراسخة في العلاقات الدولية من شأنه أن يؤثر في تحقيق التعايش والتعاون المشترك الذي تصبو إليه شعوب العالم، ولا سيما أن ما يعزز اهتمامنا بهذه القمة هي رغبة الجانبين في تعزيز علاقاتنا على مختلف الأصعدة وفق هذه المبادئ، وإن من مسؤوليتنا جميعا ـ تجاه شعوبنا وأجيالنا القادمة - العمل على بناء شراكة حقيقية بين الدول تستلهم من تجارب الماضي خططا للحاضر، ومن تحديات الحاضر فرصا للمستقبل.
وحول تداعيات القضية اليمنية أفاد بأن المملكة تؤكد أهمية الحل السياسي للأزمة اليمنية، على أساس المبادرة الخليجية، ونتائج الحوار الوطني اليمني، وقرار مجلس الأمن 2216.
كما تؤكد أهمية تكاتف الجهود الدولية من أجل دعم الشرعية اليمنية وحمل الميليشيات الحوثية الإرهابية الانقلابية المدعومة من إيران على الانصياع لإرادة المجتمع الدولي.
وأضاف: "لقد بذلت المملكة في سبيل إنجاح مشاورات السويد جهودا كبيرة، وتدعو إلى متابعة تنفيذ ما تم الاتفاق عليه في تلك المشاورات بكل دقة، وتحميل الميليشيات الحوثية الإرهابية المدعومة من إيران المسؤولية عن الوضع القائم في اليمن".
وأكد إدانة ما تقوم به الميليشيات الحوثية من إطلاق الصواريخ الباليستية إيرانية الصنع والمنشأ تجاه مدن السعودية والتي بلغ عددها أكثر من (200) صاروخ.
إضافة إلى أنشطتها المزعزعة لأمن وسلامة الملاحة البحرية في منطقة باب المندب والبحر الأحمر التي تشكل تهديدا مباشرا وخطيرا لأمننا جميعا.
وأشار إلى أن ما يقوم به النظام الإيراني من دعم لهذه الميليشيات وغيرها في المنطقة، وممارساته العدوانية وتدخلاته السافرة في شؤون الدول الأخرى، يتطلب موقفا دوليا موحدا لحمله على الالتزام بقواعد حسن الجوار والقانون الدولي ووضع حد لبرنامجه النووي والباليستي.
وشدد على ضرورة الالتزام بالمعاهدات والأعراف والقرارات الدولية كونها الأساس الذي يبنى عليه حل النزاعات الدولية، ونجدد دعوتنا للحل السياسي للأزمات التي تمر بها بعض دولنا العربية وفقا للمرجعيات الدولية في هذا الشأن، ونثمن الجهود الأوروبية الداعمة لذلك.
وفي أعمال القمة العربية في دورتها الـ30 التي عقدت في تونس قال خادم الحرمين الشريفين: "ستظل القضية الفلسطينية على رأس اهتمامات المملكة حتى يحصل الشعب الفلسطيني على جميع حقوقه المشروعة، وعلى رأسها إقامة دولته المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، استنادا إلى القرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية".
وأضاف :نجدد التأكيد على رفضنا القاطع لأي إجراءات من شأنها المساس بالسيادة السورية على الجولان، ونؤكد أهمية التوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية يضمن أمن سورية ووحدتها وسيادتها، ومنع التدخل الأجنبي، وذلك وفقا لإعلان جنيف (1) وقرار مجلس الأمن (2254).
وفيما يتعلق بالأزمة الليبية تؤكد المملكة الحرص على وحدة ليبيا وسلامة أراضيها، وتدعم جهود الأمم المتحدة للوصول إلى حل سياسي يحقق أمن ليبيا واستقرارها والقضاء على الإرهاب الذي يهددها.
وتواصل المملكة دعمها للجهود الرامية إلى مكافحة الإرهاب والتطرف على المستويات كافة، وإن العمل الإرهابي الذي استهدف مسجدين في نيوزيلندا، يؤكد أن الإرهاب لا يرتبط بدين أو عرق أو وطن، وتشكل السياسات العدوانية للنظام الإيراني انتهاكا صارخا للمواثيق والمبادئ الدولية كافة، وعلى المجتمع الدولي القيام بمسؤولياته تجاه مواجهة تلك السياسات ووقف دعم النظام الإيراني للإرهاب في العالم.
وعلى الرغم من التحديات التي تواجه أمتنا العربية فإننا متفائلون بمستقبل واعد يحقق آمال شعوبنا في الرفعة والريادة.
وعبر خادم الحرمين الشريفين بعد تسلمه وثيقة مكة المكرمة الصادرة عن المؤتمر الدولي حول قيم الوسطية والاعتدال، عن ترحيبه بعلماء الأمة الإسلامية وقال: "يسعدني الترحيب بكم، وأنتم تجتمعون في هذه الرحاب الطاهرة والأيام والليالي المباركة حول موضوع مهم، يتناول قيم الوسطية والاعتدال في نصوص الكتاب والسنة، التي جاءت بالرحمة والخير للإنسانية جمعاء، ودعت إلى مكارم الأخلاق، وأوضحت منهج الإسلام المعتدل فنحن أمة وسط، فلا تشدد ولا غلو".
وقال في افتتاح أعمال قمة قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية الطارئة: يطيب لي أن أرحب بكم في بلدكم الثاني السعودية، وأشكر لكم تلبية الدعوة لهذه القمة الطارئة، التي تنعقد في ظل تحديات مباشرة تهدد الأمن والاستقرار إقليميا ودوليا.
ورأى أن ما يقوم به النظام الإيراني من تدخل في الشؤون الداخلية لدول المنطقة وتطوير برامجه النووية والصاروخية، وتهديده لحرية الملاحة العالمية بما يهدد إمدادات النفط للعالم. يعد تحديا سافرا لمواثيق ومبادئ وقوانين الأمم المتحدة لحفظ السلم والأمن الدوليين.
وأضاف:"أن الأعمال الإجرامية التي حدثت أخيرا باستهداف أحد أهم طرق التجارة العالمية بعمل تخريبي طال أربع ناقلات تجارية بالقرب من المياه الإقليمية للإمارات الشقيقة. وكذلك استهداف محطتي ضخ للنفط، وعدد من المنشآت الحيوية في المملكة. تستدعي منا جميعا العمل بشكل جاد للحفاظ على أمن ومكتسبات دول مجلس التعاون".