الطبيب المجرم
من المشاهد المألوفة لدى الأطباء السعوديين دخول مفتشي وزارة الصحة بشكل مفاجئ، لملاحقة أي طبيب يعمل في العيادة بشكل غير نظامي، بسبب عمله في القطاع الحكومي في الفترة الصباحية، حيث تنتهي الملاحقة إما بهرب الطبيب أو بإمساك المفتش بالطبيب لاستكمال الإجراءات.
في نظري إن عمل الطبيب في غير أوقات عمله الرسمي ــ وبما لا يتعارض معه ــ فيه مردود كبير على مزود الخدمة "المستشفيات" وعلى المستفيد منها "المريض"، فمستشفيات وزارة الصحة والقطاعات الأخرى لا يمكنها تقديم الخدمة للجميع، لعدة عوامل من أهمها قلة الأطباء وغيرهم من الكوادر الصحية المؤهلة، لذلك فإن دور وزارة الصحة يجب أن يكون داعما لعمل الطبيب في القطاع الخاص بما لا يتعارض مع عمله الأساسي، والاستفادة من خبرات الأطباء بأكبر قدر ممكن في القطاعين العام والخاص، بدلا من ملاحقة الأطباء بشكل مخجل في ممرات العيادات، وكأنهم قاموا بعمل إجرامي.
على الجانب الآخر، فقد انبرى عديد من الكتاب والصحافيين لتأجيج هذه المشكلة وتصويرها بأنها المشكلة الرئيسة في المستشفيات، ذلك لأسباب مختلفة لا داعي لذكرها، ما أدى إلى تأثر بعض المرضى بذلك، وفقدانهم الثقة بالطبيب السعودي، حيث أصبح الطبيب في نظر البعض مفرطا في عمله، ويجب أن يُعَاقَب على عمله في القطاع الخاص.
أكاد أجزم بأنه لو تم إيقاف جميع أطباء القطاع الخاص العاملين في القطاع الحكومي عن العمل، فإن أكبر المتضررين هي المستشفيات الحكومية، إضافة إلى المرضى. أتمنى من المسؤولين في وزارة الصحة سن تشريعات تحافظ على سير العمل في القطاعات الحكومية، إضافة إلى منح المجتمع الفرصة للاستفادة من الطاقات الطبية التي سيستمر هدرها بسبب تشريعات قديمة، آن الوقت لتعديلها للمصلحة العامة، فالقطاع الخاص يجب أن يكون متكاملا، لا خصما، مع القطاع الحكومي.
* استشاري الأمراض الجلدية والتجميل