قصة سنغافورة وتحولها إلى مركز للخدمات اللوجيستية «2 من 2»
لتيسير التجارة أطلقت سنغافورة عام 1989 أول نافذة وطنية موحدة في العالم ما لبثت فيما بعد أن وحدت إجراءات منح الأذون التجارية وحولتها إلى إجراءات رقمية. مع وجود أكثر من 35 جهة حكومية في هذا البرنامج، اقتضى هذا أن تغير الحكومة كلها نمطها الفكري من "التحكم في التجارة" إلى "تيسير التجارة". واليوم، يمكن التصديق على الأذون التجارية إلكترونيا خلال دقائق باستخدام استمارة إلكترونية واحدة. ومع هذا، فإن كل شحنة يمكن أن ينخرط فيها عديد من الجهات ويطلب مزيدا من المستندات خلال مجمل سلسلة الإمدادات، من المصنعين إلى شركات الخدمات اللوجيستية، فشركات التمويل التجاري والمستهلكين. ويجري حاليا إنشاء نافذة وطنية موحدة ومحسنة لدمج أكبر عدد ممكن من المعاملات في برنامج رقمي واحد.
تشجيع مشاركة القطاع الخاص: تدرك الحكومة أهمية إشراك القطاع الخاص في القرارات الخاصة بالسياسات. ومع مرور الوقت، شكل مشغلو الميناء والمطار مؤسسة واحدة لضمان استمرارهم في تلبية متطلبات هذه الصناعة. ومنذ تحولهما إلى مؤسسة، زاد حجم الشحن لدى هيئة ميناء سنغافورة PSA أضعافا مضاعفة، واستثمرت المؤسسة فيما يقرب من 40 محطة للشحن في مختلف أنحاء العالم. وشجعت منافسة القطاع الخاص أطراف الصناعة الفاعلين على أن يصبحوا أكثر مهارة من الناحية التجارية، وجعلت قطاع الخدمات اللوجيستية في سنغافورة أكثر كفاءة.
كما جذبت الحكومة المستثمرين إلى سنغافورة من خلال توفير المناخ المؤاتي للاستثمار، وتقديم الحوافز الملائمة لإشراك القطاع الخاص. واليوم، أصبحت هناك 20 من أكبر 25 شركة للخدمات اللوجيستية في العالم تدير عملياتها العالمية أو الإقليمية من سنغافورة. وقد حفز وجود عديد من الشركات ذات الثقل الكبير هنا الشركات المحلية على محاكاة المعايير الدولية.
كما يوصى بإجراء مشاورات مكثفة مع القطاع الخاص قبل التصديق على الاستثمارات العامة وذلك للتيقن من تلبية البنية التحتية التي يجري إنشاؤها للاحتياجات الفعلية للنشاط. كما تشجع الحكومة القطاع الخاص على الاستثمار في البنية التحتية التكميلية. على سبيل المثال، استثمرت شركة خدمات مطار سنغافورة المحدودة SATS وشركة فيديكس في مرافق الشحن الجوي، كمراكز الشحن البارد ومرافق الشحن الإقليمي السريع، مع مساعدة الحكومة على تشجيع الإقدام على مثل هذه الاستثمارات. ويتم التصدي الجماعي للتحديات حتى يكون للاستثمارات معنى وجدوى للقطاع الخاص. الشراكة القوية مع القطاع الخاص تضمن استدامة المبادرات من الناحية التجارية على المدى الطويل، وعدم تحولها إلى عبء على الأموال العامة.
هذه العوامل الثلاثة -شبكات الربط، البنية التحتية والإجراءات، ومشاركة القطاع الخاص- تشكل منظومة متكاملة تساعد على نجاح الخدمات اللوجيستية. يثبت النجاح الذي حققته سنغافورة أن أي بلد نام محدود الموارد يمكنه من خلال الرؤية الثاقبة ومزيد من العزيمة أن يصبح مركزا متقدما للخدمات اللوجيستية. ويحدونا الأمل في أن تلهم قصة سنغافورة النمور الصاعدة الأخرى.