مشاوير الأمهات

رسالة مؤلمة وصلتني من إحدى الأمهات تقول فيها: "أنا ما ينكسر خاطري إلا إذا رجعت من مشوار مع "كريم" وعند باب بيتي خمس سيارات لعيالي، كل مرة أنزل من سيارة "كريم" وأشوف هالمنظر أردد بيني وبين نفسي: "يا الله عساني من حيلي لقبيري".
نشرت هذه الرسالة على حسابي في "تويتر" ولم أتوقع كل هذا التفاعل الذي حصل، كمية الرسائل التي انهالت على بريدي الخاص جعلتني أؤمن بأن هناك شرخا ما في قلوب بعض الأمهات اللاتي اكتفين بالصمت لكن بسبب رسالة ألقيت في بركة ماء راكدة قرر بعضهن أن يفضفضن لأن الفضفضة أحيانا قد تكون الخيار الوحيد.
تقول أم خالد: "أنا أعيش مشاعر هالأم نفسها لكن بشكل مختلف، لأني كل مرة أصعد في سيارة الأجرة وسيارات عيالي عند باب البيت أترحم على زوجي وأدعو الله أن يجمعني فيه بالجنة، في حياته كلها ما تذمر من مشاويري ولا في يوم قال خذي أجرة، أجمل اللحظات كنت أقضيها معه ونحن نتسوق للبيت وللعيال، كنا نتحادث معا ونأكل معا في السيارة، بل أحيانا كنت آخذ معي القهوة والتمر "نتقهوى" وقت الصلاة حتى تفتح المحال، وحين رحل بدأ الأبناء في التذمر وتثاقل المشاوير وكل واحد يقول لي قولي لفلان "يوديك"، حتى اتخذت قراري ونذرت لله ألا أطلب من أي واحد منهم أن يوصلني لمشاويري، ما في أصعب على قلب الأم من أن يشعرها أبناؤها أنها ثقيلة عليهم وهي ما زالت في صحتها وعافيتها.. ومن قال: إن البر لا يأتي إلا من الأبناء، أحيانا الزوج أكثر برا بزوجته من "حشاشة جوفها"!
كل رسالة كانت تحمل قصة وجع لكني لا أريد أن أقلب مقالي إلى دراما تثير شجون كثير من الأمهات، لكن فعلا يجب أن نتساءل: مثل هؤلاء الأبناء الجاحدين لماذا يستثقلون مشوارا للأم ويستمتعون بمشوار مع صديق ربما يكون هو أول الهاربين حين تعصف بهم نوائب الحياة؟ هل نحن كأمهات من نزرع الأنانية بقلوب أبنائنا من خلال الدلال الزائد الذي نربيهم عليه؟ هل أفسدناهم بتوفير سبل الرفاهية لهم دون أن نجعلهم يشعرون بمدى المعاناة التي نتحملها لنوفر لهم كل ما يتمتعون به؟ وهل فات الأوان بأم خالد ومثيلاتها لإعطاء أبنائهن دروسا عن البر والإحسان ومعرفة قيمة الأم؟
تقول إحدى الأمهات حين نزلت من سيارة الأجرة: رفض السائق الهندي أن يأخذ الأجرة قائلا: "حرام أنتي زي ماما"!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي