الشركات والاستفادة من التغييرات المعقدة «2 من 2»
تضمنت قضية إيزابيلا واحدة من أكبر التحولات التي يمكن لمواطن عالمي أن يمر بها. فبعد بناء مهنة متينة على نطاق عالمي، شعرت إيزابيلا أن الوقت حان لبدء حياة مستقرة. ولتحقيق ذلك، كانت في حاجة إلى دعم رب عملها لمساعدتها على إنشاء موطن لها في المملكة المتحدة، وتقدير مهاراتها الخاصة واستكشاف مناصب قيادية مناسبة لها في المقر الرئيس، مدعومة بمهاراتها وعقلية المواطنة العالمية التي تمتلكها. وكان بإمكان الشركة تجنب خسارة موظفة موهوبة مثل إيزابيلا لو أنها التزمت بالاستماع إليها وتفهمها والتعاون معها لحل المشكلات والتوصل إلى قرار جماعي يصب في مصلحة الطرفين.
قد يكون الانتقال من مهني عالمي إلى خبير عالمي محفوفا بالتحديات. لكن من خلال تعلم كيفية إبراز تجاربك وتوجيهها لتعكس وجهات نظر جديدة، يمكنك أن تجعل هذا الانتقال أكثر سلاسة. وأسهم عملي مع مواطنين عالميين في إرساء إطار عمل مؤلف من ثلاثة أجزاء يمكن استخدامه مرجعا إرشاديا للأشخاص الذين يمرون بظروف مشابهة لظروف إيزابيلا.
في إطار التحضير للمناقشات مع الشركة التي تعمل بها، أعادت إيزابيلا قراءة السرد الذي كتبته عن نفسها قبل عشرة أعوام. وشكلت هذه الخطوة فرصة لها للنظر إلى مدى تطورها وتغير أولوياتها.
وفي المواقف الحاسمة التي يكون فيها المواطنون العالميون على مفترق طرق مهني أو شخصي، أوصيهم أن يجمعوا كل ما تعلموه - بما في ذلك الدروس غير الملموسة التي لا يمكن إدراجها في السيرة الذاتية المتعارف عليها - وأن يعملوا على تطوير سرد مهني غير مؤرخ. وفي حالة إيزابيلا - على سبيل المثال - ركزت في سردها المهني على إبراز ما يمكنها إضافته للشركة لو أتيح لها شغل منصب قيادي. إذ أدركت أهمية أن تبرز للموظفين في المقر الرئيس المهارات غير المرئية التي تتميز بها. وكانت في حاجة أيضا إلى توضيح كيفية تغير احتياجاتها وقيمها نتيجة بلوغها هذه المرحلة من الحياة. وأثناء نظرتها إلى الأحداث الماضية التي شهدتها خلال تطورها المهني، أدركت أنه كان بمقدورها أن تكون أكثر وضوحا حول رغبتها في تحمل مسؤولية القيادة وعمق التزامها بالعمل خارج المقر الرئيس في هذه المرحلة من حياتها. فإذا كنت في وضع مشابه لوضع إيزابيلا، فسيساعدك ذلك على إبراز التغييرات التي شهدتها، وسردها بوضوح لنفسك والآخرين.
بمجرد تحديث السرد الخاص بمسيرتك المهنية، قم بإنشاء حوار مع الأشخاص المعنيين حول أهدافك المهنية وفرصك الوظيفية المحتملة، فضلا عن المهارات التي طورتها خلال رحلة حياتك العالمية وتجربتك المهنية. وأظهر كيف يمكنك المساهمة في الشركة.
ومن المفيد أن تكون قد تعلمت لغة أخرى - أو عدة لغات - أثناء وجودك في الخارج، لكن قدرتك على التكيف ستكون عاملا محوريا في مساعدتك على بلوغ مناصب قيادية عليا. وتتمثل القدرة على التكيف في معرفة ما لا تعرفه وكيفية العثور على إجابات؛ وإدارة التغيير المعقد واتخاذ القرارات؛ وإقامة تعاون بين مختلف الأطراف المعنية؛ وتحمل المخاطر. ومع وجود احتمال أن تكون غير مدرك لاكتسابك تلك المهارات، من الضروري أن تقوم بإجراء عملية جرد ذاتية شاملة. ابحث عن فرص تتيح لك استعراض مجموعة المهارات التي تمتلكها، كأن تقوم مثلا بإيجاد توافق في الآراء وسط فريق متعدد الثقافات.
يعد تبني منظور مرن ومتغير للعالم، أحد أكثر العناصر الفاعلة في الحياة العالمية. وبدلا من اعتماد رؤية ثابتة حول شكل ونمط الحياة، يتمتع المواطنون العالميون بالقدرة على تعديل أفكارهم وتوقعاتهم. وعندما يواجهون تحديات جديدة، فإنهم ينجحون في إدارتها بصورة بسيطة، ويبحثون في تلك التحديات عن فرص مواتية لاغتنامها في تشكيل حلول وأنماط جديدة للحياة. علاوة على ذلك، فهم يتمتعون بالثقة بمواطن القوة الداخلية وبقدرتهم على الإبداع لسد أي ثغرات تظهر مع دوران عجلة الحياة.
ويمكن للمواطنين العالميين تشجيع أرباب العمل على مشاركة رؤيتهم المرنة، والتواصل معهم بروح التجربة والتعاون معهم لإيجاد طريقة جديدة للمضي قدما. قد يشكل التعاطف أداة رائعة أيضا، وهنا أدعوك لمحاولة النظر إلى القضايا التي تشغل الشركة، والوقوف على الاعتبارات المهمة التي تواجهها لو كنت في موضع رب العمل. ويعد ردم الاختلافات الثقافية في الأدوار السابقة متعددة الثقافات تأهيلا مثاليا للتمكن من إرساء نموذج تعاون مرن على مستوى العلاقة بين رب العمل والموظف.
ينبغي للمواطنين العالميين وأرباب العمل اغتنام الفرصة للتعلم وإعادة دمج التغيرات في العقلية والمهارات والمعارف المكتسبة من التجارب الثقافية المتنوعة. ويجب على القيادة التواصل بأوسع نطاق ممكن حول أهمية تقدير المواطنين العالميين والاستفادة منهم. في المقابل، ستفقد الشركات مهنيين عالميين موهوبين "مثل إيزابيلا"، ما لم تقم بالإصغاء إليهم وتقديم فرص مواتية لهم للشروع في الفصل التالي من حياتهم.