أهمية التسامح في بيئة العمل «1 من 2»
عاة ما تترجم ردة فعل من يتولون مناصب قيادية في حال شعورهم بالظلم عبر الغضب أو الرغبة في الانتقام، لكن هنا تجب الإشارة إلى أن إحدى مقومات القائد المثالي التي تميزه عن نظيره التقليدي تكمن في القدرة على المسامحة والابتعاد عن الغضب، وتجنب إلقاء اللوم على الآخرين، وتحويل الموقف بأكمله إلى حالة بناءة.
يشير مانفرد كيتس دو فري، أستاذ تطوير القيادة والتغيير المؤسسي في إنسياد، إلى أن القائد المثالي يدرك تماما تكلفة وجود مشاعر عداء ضمن فريق العمل والمخاطر التي يفرضها ظهور أحقاد وغضينة حيث تؤدي إلى عرقلة عمل أفراد الفريق.
ثقافة الخوف
هناك عديد من المؤسسات اليوم تشبه المعتقلات، حيث تنتشر لدى موظفيها مشاعر القلق والريبة، لكن من لا يخطئ لا يعمل، حيث ينهمك الموظف في عمله وينشغل عن تغطية أخطائه. وعادة ما تعاني المؤسسات التي يشعر موظفوها بخطر الطرد في حال ارتكاب الأخطاء ثقافة الخوف التي تعيق الإنتاجية، أما القادة الذي يتسامحون مع الأخطاء المرتكبة من قبل فريق العمل، الذين يرون في الأخطاء فرصا للتعلم، هم من ينجحون في تطوير ثقافة مؤسسية مثالية، حيث يعطي التسامح الأفراد فرصة لخوض غمار المخاطرة، وأن يبتكروا في عملهم، ويسمح لهم بتعلم تنمية قدراتهم القيادية، فالضغينة والأحقاد ليست من شيم القائد المثالي.
يوضح دو فري أن التسامح يساعد على بناء الولاء الوظيفي، فالعاملون في مؤسسات تسودها ثقافة التسامح عادة ما يبذلون جهودا إضافية لتحسين الأداء، ما ينعكس إيجابيا على عوائد الشركة.
قنوات التواصل
يعمل مديرو الشركات اليوم في عالم مليء بالصراعات، وفي حال عدم حل الإشكالات بين فريق العمل، ستكون هناك أثار خطيرة على الشركة وعلى سير عملها، لكن من خلال فتح قنوات للتواصل بين الإدارة والموظفين وتشجيع ثقافة التسامح، يستطيع المدير بناء شركة تتطلع إلى المستقبل.
أمثلة تاريخية
وضمن الورقة البحثية الصادرة بعنوان "ثقافة التسامح: تميز القائد المثالي"، يحدد دو فري أمثلة واضحة عن القادة المثاليين من خلال المقارنة بين شخصيتين من عالم السياسة في إفريقيا، حيث يشير إلى أن زيمبابوي في معظمها أرض قاحلة، بينما تقدم جنوب إفريقيا صورة مغايرة تماما، وهنا الفرق بين شخصيتين قياديتين كل منهما تنتهج سياسة متباينة فيما يتعلق بالتسامح، ويضيف دو فري: "عندما أسأل الطلاب عن القائد السياسي الذي يحوز على إعجابهم تأتي 95 في المائة من الإجابات: نيلسون مانديلا، والسبب يعود إلى التسامح".
إثر انتهاء حقبة الفصل العنصري في جنوب إفريقيا وبعد قضاء 27 عاما في السجن، سامح مانديلا من اضطهدوه وشجع أعضاء حزبه الآخرين على نبذ حب الانتقام وتبني التسامح، وكانت مقولته الشهيرة: "التسامح يحرر الروح ويقضي على الخوف، لذا فهو السلاح الأقوى"...يتبع.