الشركات وقرار الاستعانة بوسائل خارجية
على فرض أن شركتك تبحث عن متعهدين لعدد من الحلول التكنولوجية المهمة. ستحاول الشركات المرشحة الاستحواذ على أكبر قدر ممكن من المهام. فهل يجب عليك إيجاد الشريك الأمثل لكل مهمة على حدة، أم البحث عن شريك يتعهد بجميع الخدمات؟
تبدو مزايا الاعتماد على شركة واحدة عوضا عن عدة شركات جلية من الناحية النظرية في: عدم إضاعة الوقت في التواصل مع أكثر من طرف، ونفوذ أكبر كونك عميلا مهما، ومخاطر أقل على فرض أن شريكك جدير بالثقة، وعديد من المزايا الأخرى. على النقيض، ينطوي حصر جميع أعمالك في طرف واحد على مجازفة كبيرة.
يمثل البحث عن مصادر متعددة اتجاها سائدا منذ عدة سنوات، بعقود تصل قيمتها إلى 7.2 مليار دولار في قطاع الخدمات التكنولوجية وتكنولوجيا المعلومات العالمية في 2007 وحدها. وتنحاز الشركات بشكل متزايد نحو المنافسة المرنة بين الموزعين كجزء لا يتجزأ من المصادر المتعددة.
بحثت في ورقة عمل حول نظم المعلومات الإدارية الفصلية، نشرتها أخيرا بالتعاون مع كل من شانتانو باتاتشاريا من كلية إدارة الأعمال لي كونج تشيان، وألوك جوبتا من كلية كارلسون للإدارة - الآليةَ التي تنتهجها الشركات في اتخاذ قراراتها عندما يتعلق الأمر باختيار مصادر خارجية أحادية أو متعددة. تعد أبحاثنا الأولى من نوعها في هذا المجال؛ كونها تبحث في كيفية استخدام هياكل الحوافز في عقود متعهدي خدمات المعلومات التي لا تنطوي على معلومات حول النتائج المراد تحقيقها "الإيرادات". كما سلطنا الضوء على أهمية وجود معلومات عن مدى ترابط المهام المطلوبة؛ كونها تعطي أدلة حول استراتيجية التوريد الأمثل الواجب اتباعها.
لا تتيح العقود المباشرة التقليدية -العقود التي تربط نسبة متغيرة متعلقة بمقاييس الأداء من خلال رسوم ثابتة- حوافزَ تتماشى معها بشكل كبير. لتوضيح هذه النقطة سنعطي مثالا على شركة استعانت بمصدر خارجي لإدارة مركز الاتصال من جهة، وإعادة تصميم الموقع الإلكتروني للشركة من جهة أخرى. تم ربط حصة المتعهد بحجم المكالمات الهاتفية التي يستقبلها مركز الاتصال جزئيا، ويعد ذلك المقياس سهلا نسبيا، ما أسهم بدون شك في تحقيق أرباح للشركة. على النقيض، لم تخضع إعادة تصميم الموقع الإلكتروني للشركة، الذي يعد ذا أهمية من منظور الإيرادات، لمقياس أداء؛ كون تجربة المستخدم لم تكن ملموسة إلى حد كبير. وبناء عليه، توصلنا إلى نتيجة مفادها: لا يمكن وضع جميع الضوابط التي تؤثر في الإيرادات في العقد. في تلك الحالة، نستطيع القول إنه في سبيل زيادة إيرادات مشروع يصعب قياس نتائجه الفعلية، يجب على الشركة التعاقد مع أكثر من متعهد، وبالتالي ستتوافر لديها أدوات تحكم أكثر.
يعزز نموذجنا النظري فرضية أنه في حالة عدم تماشي مقياس الأداء مع توقعات متعهد المشروع "كما أوضحنا في المثال السابق"، يكون التعامل مع أكثر من مصدر هو الحل، شريطة أن تكون المسؤوليات نموذجية؛ أي متفردة ومنفصلة بعضها عن بعض إلى حد ما.
عندما يتماشى مقياس الأداء مع الإيرادات، يكون أداء المصدر الأحادي يوازي عدة متعهدين، في حالة كانت المسؤوليات منفصلة فقط.
بالنسبة إلى المهام المنفصلة، يكون هدف العميل ببساطة حث المتعهد على تقديم أفضل ما عنده. لا يبذل العميل خلال هذه المرحلة جهدا كبيرا كونه من السهل تجميع المخرجات. تختلف المصادر المتعددة عن الأحادية فقط عندما تهدد الحوافز المذكورة أعلاه النتائجَ. في تلك الحالة، في استطاعة العملاء معالجة المشكلة، من خلال وضع عقود منفصلة لكل متعهد. من الواضح أن هذا الحل غير وارد في حالة وجود متعهد واحد للمشروع.
تصبح الأمور أكثر تعقيدا عندما تكون المهام المطلوبة متكاملة ويصعب فصلها بسهولة.
قد تكون المصادر الأحادية هنا أكثر ملاءمة في حال تماشي مقاييس الأداء مع الإيرادات. ولا تعتمد المهام المتكاملة على جهود المتعهد بشكل كامل، بل يجب إشراك العميل أيضا؛ كون العملية ليست سهلة. عندما يتوقف الأداء، وبالتالي المزايا، على العمل المشترك، ستوجد احتمالات أكبر لمماطلة أحد المتعهدين، وعدم بذله الجهد المطلوب، ما يؤثر سلبا في العميل. وعندما تكون الظروف مواتية، قد ينطوي العمل مع متعهد واحد على مخاطر أقل؛ لذا ننصح في تلك الحالة باللجوء إلى مصادر أحادية.
في حال عدم توافر التوافق المطلوب، يجب على الشركة المفاضلة بين التحديات المذكورة أعلاه، والآثار السلبية المترتبة عليها، وأن تقرر ما الذي يتسبب لها في متاعب أكثر: عدم رؤية النتائج بوضوح، أما المشكلات الناجمة عن تعاملها مع أكثر من متعهد لمسؤوليات متكاملة، فتعتمد الإجابة على ظروف كل شركة. على سبيل المثال، ستواجه شركة ضخمة وقتا عصيبا في محاولة تتبع أداء أي من المشاريع. في تلك الحالة، قد يكون اللجوء إلى مصادر متعددة الخيار الأول.
تشير أدلة غير مؤكدة إلى أن قطاعي المصارف والصناعة، هما المحركان الأساسان لمشاريع تكنولوجيا المعلومات التي تلجأ فيها الشركات إلى عدة مصادر خارجية. تشير نتائجنا إلى الأسباب الكامنة وراء ذلك. كي تتفوق المصادر الخارجية الأحادية على المصادر المتعددة، يجب تتبع أداء المتعهد والإيرادات في الوقت نفسه. ومن الصعب القيام بذلك عندما لا تتماشى طبيعة المشروع -خدمات المعلومات- مع الأهداف الرئيسة للشركة. من جهة أخرى، تمتلك شركات التكنولوجيا، أمثال "جوجل" و"مايكروسوفت" أسبابا أقوى للنظر في المصادر الأحادية كوسيلة للتحوط من الممارسات غير القانونية للمتعهدين.
لا نعتقد أن الاستنتاجات التي توصلنا إليها تنطبق على تكنولوجيا المعلومات. فالشركات من مختلف الأحجام والقطاعات لا تستطيع القيام بذلك، وغالبا ما تستثمر بكثافة في الشراكات. إضافة إلى ذلك، بغض النظر عن التغيرات الداخلية التي قد تعيد هيكلة استراتيجية اللجوء إلى مصادر خارجية، يجب عليها النظر في العوامل التي غطتها أبحاثنا -طبيعة المهام وإمكانية التحقق من المخرجات.