Author

الحوكمة طريق حماية الشركة من الاحتيال

|

يتكرر الاحتيال المالي كثيرا في الشركات والمؤسسات التجارية خصوصا بين الشركاء، ويكثر ذلك أكثر في المنشآت المتوسطة والصغيرة أو المنشآت العائلية بسبب نقص الخبرة والكفاءة، وأحيانا تقع الجريمة دون أن يعلم فاعلها أنه ارتكب فعلا يجرمه القانون! وكثيرون يتساءلون عن الوسائل القانونية التي يتمكن من خلالها ضبط شركته من الاحتيال المالي والتأكد منه.
هذا الموضوع يتداخل فيه جانب قانوني وآخر محاسبي، وسأحاول التركيز على إفادة القراء مع مراعاة المساحة المتاحة. هناك عديد من الطرق التي تساعد على الضبط المالي داخل المنشأة، وهي تتطور سنويا وباستمرار، فكما أن وسائل النصب والاحتيال تتطور باستمرار فإن تطور وسائل ضبطها يتطور أيضا، ويجب على المنشأة المتطورة متابعة المستجدات في هذا الميدان باستمرار لأجل السيطرة ورفع مستوى الكفاءة داخلها. 
أهم وسيلة لمحاربة الاحتيال المالي داخل المنشأة هي تعزيز الحوكمة القوية فيها، فكلما كانت حوكمة الشركة وسياساتها الداخلية قوية ومتطورة أصبح من الصعب جدا الاحتيال المالي وارتفعت الكفاءة والشفافية فيها.
تنامى اليوم لدى كثير من الشركات الكبيرة هذا الاهتمام وأصبح هناك ما يسمى المراقب الداخلي للحوكمة Interior Governer، وعمله منحصر في متابعة التزام معايير الحوكمة والسياسات الداخلية في الشركة، وهذا المنصب غير منصب مراقب الإفصاح Compliance Officer على الرغم من أن بعض الشركات تدمج العملين أحيانا، وبعض الشركات تربط مراقب الحوكمة بمجلس الإدارة مباشرة بعيدا عن الإدارة التنفيذية لضمان استقلاله عنها، مع تعزيز صلاحياته الرقابية داخل المنشأة.
كما أن وجود إدارة تدقيق ومراجعة داخل المنشأة مهم وفعال أيضا خصوصا في الشركات المتوسطة والكبيرة، ويجب أن تكون أيضا منفصلة عن تأثير الإدارات الأخرى، وألا تشترك في عمليات وأنشطة المنشأة لضمان استقلاليتها. 
ومن الوسائل السهلة والبسيطة خصوصا على المنشآت الصغيرة لأجل مكافحة الاحتيال المالي؛ توزيع السلطة وتحديدها وفق لائحة سياسات واحدة، فمثلا اشتراط إشراك عدة أشخاص أو إدارات مستقلة عن بعضها في إجراءات التعاقد والالتزام مع الآخرين، وكذلك تحديد سلطات المديرين بما يضمن اشتراك أكثر من طرف لتخفيف احتمال الاحتيال. 
ومن التنبيهات التقليدية هنا؛ عدم منح صلاحية التصرف بالبيع والرهن والاقتراض وما شابه هذا لأحد سوى رئيس مجلس الإدارة “ويفضل جعلها من سلطة مجلس الإدارة أو المديرين مجتمعين خصوصا في الشركات المتوسطة والصغيرة”، وعدم منح سلطات واسعة للمديرين التنفيذيين.
هناك وسيلة موجودة في الشركات المساهمة، وينصح بتفعيلها في جميع الشركات، وهي لجنة المراجعة داخل مجلس الإدارة أو مجلس المديرين، ويشترط لهذه اللجنة كونها مقصورة على الأعضاء غير التنفيذيين للمنشأة، الأمر الذي يضمن استقلالها الرقابي، وقوة هذه اللجنة دليل على كفاءة المنشأة ونزاهتها. 

إنشرها